Site icon IMLebanon

المسيحيون في باكستان

الهجوم على الاقلية المسيحية في باكستان خلال الاحتفال بعيد الفصح المجيد ليس الاول ولن يكون الاخير وحسبنا ان نذكر مقتل نحو 100 شخص في هجوم استهدف كنيسة مسيحية في العام 2013 في «بيشاور» (الواقعة شمال غرب الباكستان) .

وقبل سنة تحديدا، في منتصف شهر اذار من العام 2015 الماضي تعرض المسيحيون الى تفجير كبير في منطقة «يوحنا اباد» في لاهور يومها سقط نحو مئة بين قتيل وجريح.

وما لا تبلغه الاعتداءات الارهابية المستهدفة المسيحيين على ايدي طالبان باكستان وامتداداتها، فإن السلطة كفيلة بأن تقوم به، مثل ذلك ان قاضيا في المحكمة الثالثة الخاصة بمحاربة الارهاب في لاهور اودع في شهر ايار الماضي نحو خمسين شخصا مسيحيا في الحبس «الاحتياطي» بهدف الابتزاز فقط، ثم جرى اطلاقهم بعد تعرضهم للعسف والتعذيب … حدث هذا  بينما لا يزال اكثر من 300 مسيحي باكستاني مجهولي المصير بحيث لا يُعرف بشكل دقيق، ما اذا كانت السلطة الباكستانية هي المسؤولة عما آلت اليه حالهم، او انهم ضحايا ارهاب الطالبان والتكفيريين.

وفي باكستان «لا يعتبر كسب لقمة العيش امرا سهلا بالنسبة الى المسيحيين»  (موقع Kantara) وهم ينتمون في اغلبيتهم الى افقر شرائح  المجتمع كونهم عمالا عاديين، وفق الموقع ذاته الذي يورد ايضا ان «المسيحيين  في باكستان كثيرا ما يتعرضون للتمييز اثناء بحثهم عن فرص عمل» وان الــ 86 ٪ من المسيحيين في باكستان يعملون كعمّال نظافة للصرف الصحي والمجاري وكخدم في المنازل او انهم يعملون في السخرة لتسديد ديونهم (…) وتكفي شائعة مغرضة واحدة حتى يتعرض المسيحيون الى اعتداءات رهيبة كما حدث في العام 2009 عندما احرق متشددون 76 منزلا لمسيحيين في مدينة غوجرات في ولاية البنجاب.

ويراوح عدد المسيحيين الباكستانيين بين مليونين وسبعة ملايين فالرقم غير دقيق اذ هناك من يقول بأن  نسبتهم 2.2٪ من مجمل الشعب الباكستاني، وسواه يقول بأنهم نحو 4٪ علما ان عدد سكان الباكستان حاليا في حدود الــ200 مليون.

في اي حال فإن ما تعرض له المسيحيون الباكستانيون الذين احتفلوا بعيد الفصح المجيد واسفر عن 74 قتيلا و342 جريحا بالتفجير الانتحاري هو (على فظاعته) حادث في مسار طويل خطورته انه يتوافق مع ما يجري في الشرق كلّه. فإذا كان المسيحيون في الشرق الاوسط يتعرضون الى نوع من الابادة والتهجير على ايدي «داعش»، فإن ما يتعرض له المسيحيون في الشرق الاقصى (كما في باكستان تحديدا) يشير الى مسار اضطهادي واضح الخطوط والاهداف.

وقد يكون من المبالغ فيه الربط المباشر او الجزم بالتنسيق بين ما ينفذه الارهابيون التكفيريون في الشرق الادنى وبين ما ينفذه المتشددون في الشرق الاقصى، خصوصا وان مسلسل الاعتداءات على المسيحيين في باكستان قائم منذ ما قبل ان وُجدت «داعش» والاخرون في منطقتنا، فهناك تتحمل المسؤولية المباشرة حركة طالبان (باكستان وليس طالبان افغانستان) بالتنسيق مع «القاعدة» … الا ان حدا من التواصل بين الارهابيين في منطقتنا والمتشددين هناك هو امرّ معترف به دوليا وعلى نطاق واسع.

يبقى ان البلد الوحيد في هاتين المنطقتين الشاسعتين من العالم (الشرق الاوسط والشرق الاقصى) الذي يعيش فيه المسيحيون والمسلمون على حد سواء هو لبنان الذي الى ذلك يرأسه مسيحي… وهي رئاسة شاغرة منذ نحو سنتين!