IMLebanon

المسيحيون المستقلّون في مسك الختام البلدي: نحن هنا

نتائج التصويت المسيحي التي نجمت عن الانتخابات البلدية والاختيارية في كل المحافظات اللبنانية، وآخرها في محافظتي الشمال وعكار، قرأت نفسها بنفسها وأعطت إشارات ودلالات واضحة أقلّها أن قوة الدفع التي انطلقت مع إعلان «تحالف معراب» بين التيّار «الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» تعرّضت لنكسة موصوفة تراكمت على امتداد الجولات الانتخابية المتتالية لتتوّج مع نتائج التصويت المسيحي في الشمال وعكار.

ذلك أن النتائج الأخيرة جاءت هي الأخرى معاكسة لتقديرات الطرفين، لا بل مخيّبة لهما خصوصاً في تنورين والقبيات وفي عشرات البلدات التي شهدت معارك حامية. وأظهرت هذه النتائج أن الشخصيات المسيحية المستقلة رسّخت مكانتها وكرّست موقعها على خارطة التمثيل المسيحي كواحدة من الحيثيات المسيحية التي يصعب تجاوزها في أي استحقاق سياسي أو انتخابي.

فالامتحان الأهم لقوة التحالف المسيحي الثنائي في قضاء البترون أظهر مثلاً أن النائب بطرس حرب يمثّل قوة انتخابية في القضاء لا يمكن تجاهلها في استحقاق بلدي أو نيابي أيضاً، وكذلك النائب سامر سعاده، عضو كتلة حزب «الكتائب»، حيث فاز النائبان ومعهما تيارّا «المردة» و»المستقبل» في 14 بلدية مقابل فوز التحالف الثنائي في 8 بلديات فقط، مقابل بلديتين للعائلات. على أن أهمية هذا الامتحان البتروني تكمن في وضوحه لجهة خوض معظم معاركه الانتخابية في وجه التحالف الثنائي بخلاف دوائر أخرى حيث اختلط حابل التحالفات بنابل الاصطفافات المتناقضة في بعض الأحيان.

وكذلك الحال في القبيات حيث أثبت النائب هادي حبيش، رغم تشكيك التحالف الثنائي المتواصل بقوته التمثيلية، أنه الرقم الأصعب وأنه صاحب حيثية معتبرة لا يمكن تجاهلها، تماماً كما هو حال نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، الذي ورغم تحالفه مع «القوات» في عدد قليل من القرى في الكوره، حصد لوحده 27 بلدية من أصل 36 في القضاء، مقابل 6 بلديات للحزب السوري القومي الاجتماعي وأربع أو خمس بلديات لـ»القوات» و»التيّار».

معنى ذلك أن المسيحيين المستقلّين (مكاري وحرب وحبيش) وقبلهم النائب ميشال المرّ والنائبان السابقان منصور البون وفريد هيكل الخازن، وزياد حواط، وميريام سكاف (رغم خسارتها في زحله)، بالإضافة طبعاً الى حزب «الكتائب اللبنانية» وتيّار «المرده» الذي لم يجرؤ التحالف الثنائي على خوض معارك بلدية ضدّه في زغرتا، يمثّلون حيثيات سياسية جدّية في مناطقهم وبيئاتهم، وقد رسّخوها أكثر فأكثر في الاستحقاق البلدي والاختياري في رسالة واضحة الى «تحالف معراب« فحواها: «نحن هنا».

على أن الملاحظة الأهم التي يمكن التوقّف عندها في نتائج الشمال وعكار هي فشل الحملات التي خاضها هذا «التحالف» ضدّ مسيحيي تيّار «المستقبل» أو المقرّبين منه، حيث عاب «التحالف»، بما في ذلك «القوات اللبنانية» (باستثناء النائب أنطوان زهرا) وجود حيثية لتيّار «المستقبل» في المناطق المسيحية (وقد فاز فيها في مواجهة هذا «التحالف») وكأن المطلوب أن يكون تيّار «المستقبل» تياراً سنّياً غير عابر للطوائف، أي من لون طائفي واحد تماماً كما هو حال كلّ من الثنائي المسيحي.

لكن على الرغم من ذلك جاءت النتائج لتؤكد فشل هذه الحملات، أي فشل الظنّ بأن مثل هذه الدعايات الانتخابية يمكن أن تلقى آذاناً صاغية عند المسيحيين، ما أظهر أن شنّ الحملات ضد تيّار «المستقبل» عند المسيحيين يقود الى خسارة أصحابها وليس العكس. ذلك أن اقتباس تجربة تحريض المسيحيين على تيّار «المستقبل» التي قادها حلفاء الوصاية السورية قبل استشهاد الرئيس رفيق الحريري ربّما آتت ثمارها في زمن القمع، لكن سرعان ما أجهضها حدث الاغتيال بحدّ ذاته عندما تبيّن للمسيحيين خصوصاً، وللبنانيين عموماً، أن رفيق الحريري كان الضحيّة وليس الجلاّد.. كما صوّروه.