طـــغت الأزمـــة الديبلوماسية الأخيرة على خط بيروت – المملكة العربية السعودية على ما عداها من أزمات داخلية وفي مقدمها الأزمة السياسية التي برزت غداة أحداث الطيونة، والتي لا تزال فصولها تتواصل في الأوساط السياسية والقضائية كما الشعبية، مما يُنذر ببقاء تردداتها لفترة طويلة، لجهة الإنقسام الخطير على الساحة المسيحية اليوم، والذي ترى فيه مصادر نيابية مسيحية، مؤشراً بالغ الخطورة على ما سيؤول إليه المشهد السياسي في الشارع المسيحي، مع تقدم السباق الإنتخابي نحو رئاسة الجمهورية، والذي بدأ باكراً، وبات القاعدة التي تحكم العلاقات السياسية بين كل القوى المحلية وعلى وجه الخصوص بين الأطراف المسيحية.
وفي الوقت الذي تسعى فيه اليوم جميع الأطراف إلى نزع فتيل أي مواجهة طائفية على الساحة الداخلية، ومعالجة كل ذيول أحداث الطيونة الأخيرة وحصر القضية بالقضاء المختص، رغم كل ما سُجل من مواجهات سياسية وحزبية على مدى الأيام الماضية، فإن المصادر النيابية نفسها تلاحظ أن مناخ التصعيد على الساحة المسيحية، لا يزال قائماً ، وكأن الإنقسام المسيحي- المسيحي، قد أصبح حتمياً ، حيث أن هذه الأحداث قد تحولت إلى مناسبة لتعزيز عملية شد العصب السياسي عشية الإنتخابات النيابية المقبلة، عوضاً عن تكثيف المساعي من أجل مواجهة الأزمة الخانقة المتعدّدة الأضلع، والتي تهدد المجتمع المسيحي وكل المجتمعات الطائفية في لبنان.
ومن ضمن هذا السياق، تعتبر المصادر نفسها أن التفاعل بين القوى المسيحية، خصوصاً على خلفية الأزمات المتتالية في الآونة الأخيرة، يختلف بشكل لافت عن التفاعل مع القضايا نفسها على المستوى السياسي العام، حيث أنه فيما يجري التركيز على تهدئة الخطاب، يحصل في المقابل رفع لسقوف المواقف التي تتناول كل أزمة من هذه الأزمات ومن زاوية كسب النقاط وتعزيز الموقع بمعزل عن أية اعتبارات أخرى. وبالتالي فإن الإستهدافات المتتالية لشخصيات وقيادات سياسية وحزبية مسيحية والتي تحصل منذ انفراط عقد التحالفات المسيحية – المسيحية، تجري بشكل تصاعدي مع تقدم الوقت باتجاه الإستحقاقات الدستورية المرتقبة في العام المقبل، وذلك بمعزل عن كل الضبابية التي تحيط اليوم بالإستحقاق النيابي جراء المؤشرات المتزايدة على عدم القدرة على إنجازه في الموعد المرسوم له، وبالتالي ترجيح كفة التأجيل وفق ما تكشف المصادر نفسها.
وعلى الرغم من هذه المؤشرات الواضحة على ضبابية المشهد الإنتخابي، فإن المصادر النيابية المسيحية، تجد أن منسوب التأزم سيرتفع كلّما اقتربت الإنتخابات على الساحة المسيحية، بمعنى أن المنافسة الإنتخابية في الدوائر ذات الأكثرية المسيحية، ستكون شديدة وعلى خلاف المشهد في الدوائر الأخرى، حيث يغيب التنافس الحاد وبشكل خاص في الساحات السنية والدرزية والشيعية على سبيل المثال. ولذا تبرز المعركة بكل تفاصيلها ووجوهها بشكل واضح في الشارع المسيحي محلياً واغترابياً، على حد قول هذه المصادر، والتي تؤكد أن أي حادث أو مواجهة سياسية أو قضية مطروحة، سيكون مجالاً لتأجيج الخطاب على المستوى العام وليس فقط على المستوى الداخلي المسيحي، وذلك من أجل استخدامه لشدّ العصب الطائفي على أن يتمّ لاحقاً إلى «صرفه» في الإنتخابات النيابية المقبلة.