لا خيمة فوق رأس أي بلد من بلدان الشرق الأوسط وكل هذا العالم، ولا خيمة أيضا فوق رأس أي مكون من مكونات هذا الشرق الذي يشهد إفراغاً ممنهجا من مسيحييه، فالجميع في دائرة الاستهداف التكفيري الإرهابي الذي يصول ويجول بإجرامه الممنهج والمؤدلج وفق أجندات محددة الابعاد والأهداف من قبل أجهزة الإستخبارات العالمية التي تستخدم ورقة الإرهاب التكفيري وسيلة ناجعة لتحقيق أهدافها المشبوهة الغامضة ضمن لعبة الأمم الجهنمية التي لا تعير اهتماماً ولا اعتبار إلى للغة المصالح، هذا ما قالته أوساط دبلوماسية بارزة في بيروت.
وأشارت الى أن الإرهاب التكفيري المتمكن والقادر على استهداف المساجد والمنتجعات السياسية والمرافق الصناعية من الكويت إلى تونس وصولا إلى فرنسا قادر أيضا على ضرب واستهداف بقية دول العالم الأخرى التي هي وبحسب التقارير الاستخباراتية على جدول الاستهداف من قبل «تنظيم الدولة الاسلامية» الذي صنعته ومولته ودعمته عسكريا وأمنيا استخبارات عالمية وإقليمية لغايات مشبوهة لا تزال غامضة باستثناء الغاية الوحيدة التي باتت مكشوفة وواضحة لجميع المراقبين والمتابعين وهي غاية افراغ هذا الشرق برمته من الوجود والحضور المسيحي بشكل كامل ومطبق، وهذه الغاية الجهنمية تستهدف بطبيعة الحال مسيحيي لبنان الذين هم من دون أدنى شك في دائرة الاستهداف التكفيري الإرهابي الذي يصفي الوجود المسيحي في هذا الشرق على مرأى ومسمع كل القوى العالمية التي لم ولن تحرك ساكنا لإنقاذ ما تبقى من وجود مسيحي هزيل في هذه المنقطة.
وتتابع الأوساط عينها أن ما يجري في المحيط والجوار هو أبعد بكثير من بعض التحليلات الساذجة التي تقول بأن ظهور تنظيم «داعش» و«القاعدة» و«جبهة النصرة» وغيرها من التنظيمات التكفيرية ليس سوى مجرد رد فعل طبيعي على الظلم الذي لحق بالمسلمين السنة على ايدي الانظمة الديكتاتورية الطاغية وحلفائها من قوى اقليمية ودولية خصوصا أن تسويق مثل هذه التنظيرات العبثية ليس سوى وسيلة ناجعة تستخدمها التنظيمات التكفيرية ومشغليها لاستقطاب المزيد من المقاتلين في صفوفها ولإيجاد المسوغات الدينية الشرعية التي تبرر الافعال الإجرامية البائدة التي ترتكبها تلك التنظيمات التي ما كانت لتكون لولا انها مدعومة وممولة ومحمية من قوى اقليمية أساسية سمحت لتلك التنظيمات بالظهور بالشكل الذي ظهرت عليه في العراق وسوريا.
وأشارت الى أن الحقيقة الناصعة التي لا يريد البعض ان يراها هي ان «تنظيم داعش» الذي ظهر قبل عام تقريبا وتحديدا في شهر رمضان بما يحمله من رمزية عقائدية ودينية، قد أصبح اليوم بسحر ساحر يسيطر على مساحات جغرافية واسعة شاسعة باتت توازي اليوم نصف مساحة سوريا وثلث مساحة العراق، فضلا عن احتلاله نحو 250 كلم2 من جرود القاع ورأس بعلبك، أي نحو 2.4 في المئة من إجمالي مساحة لبنان، وحتى بات أيضا قادرا بإمكانياته وقدراته وتكتيكاته على تجنيد الانتحاريين الارهابيين من كل أصقاع العالم الذي باتت دوله وشعوبه تحت رحمة بطش أجرامه الإرهابي، هو في الواقع كغيره من الجماعات التكفيرية الإرهابية المماثلة ليس سوى مجرد دمية تحركها أصحاب المشاريع الدولية الكبرى التي تستخدم تنظيم «داعش» لإعادة رسم الخرائط في المنطقة وتحقيق الفوضى الخلاقة وإنعاش اسواق السلاح وتنفيذ مخططات قيام الشرق الأوسط الجديد الذي يقسم ويفتت دول المنطقة الحالية إلى دويلات طائفية ومذهبية إثنية ضعيفة متقاتلة ومتناحرة بين بعضها البعض.
وشددت الأوساط على أن الأهداف الكبرى من وراء ظهور وتشغيل تنظيم «داعش» من قبل أجهزة الاستخبارات العالمية والإقليمية لا تزال بمعظمها مجهولة، إلا أنه هناك هدفا بات واضحا وجليا لا لبس فيه من ضمن تلك الأهداف المشبوهة والغامضة وهو هدف افراغ الشرق من مسيحييه، بحيث أن ما يظهر بشكل واضح لا لبس فيه حتى الآن من سلوكيات «تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا والعراق» يؤكد أنه من الأهداف الأساسية لهذا التنظيم والقوى الدولية والإقليمية المشغلة له، هو هدف افراغ المكون المسيحي من الشرق وذلك من خلال أعمال القتل والفتك والسبي والتهجير الممنهجة ببربريتها ووحشيتها، وهذا ما يجعل لبنان التعدد والتنوع والعيش المشترك هدفا اساسيا في جدول أعمال هذا التنظيم الإرهابي التكفيري وغيره من التنظيمات التي تدور في فلك النهج التكفيري العنصري الرافض لكل آخر مختلف عنه سواء كان مسلما أو مسيحيا أو شيعيا أو درزيا أو أي مكون آخر. وتؤكد أن لبنان وخلافا لكل الهرطقات والنظريات السياسية السابقة التي تقول بأن هناك تحييداً أممياً لساحته المحلية عن هجمات التنظيم التكفيري، فأن الواقع الميداني بتطوراته الميدانية وارتكاباته التطهيرية للوجود المسيحي يؤكد العكس. وتتابع أنه بعد استهداف السعودية والكويت وتونس ومصر وليبيا وفرنسا وغيرها من البلدان فأن نظريات تحييد لبنان قد سقطت جميعها بعد أن بات واضحا جليا لجميع المتابعين والمراقبين للحالة الداعشية التي تتحرك وفق أجندات استخباراتية مرسومة بدقة، بأن التنظيم التكفيري الذي حاول إقامة امارته في الشمال اللبناني الذي شهد في الآونة الماضية تهديدات للكنائس والوجود المسيحي التاريخي في مدينة طرابلس ليس سوى مؤشر ميداني واقعي الى أن المسيحيين في لبنان هم كبقية مسيحيي هذا الشرق في دائرة الإستهداف التكفيري الذي يستهدف اقتلاع جذور تاريخهم وحضارتهم ورسالتهم الكنسية المسيحية من كل بقاع هذا الشرق من دون أي استثناء.
وشددت على أن القراءة العسكرية والأمنية المتأنية للتطورات الميدانية المتسارعة في سوريا، تؤكد أن مكون مسيحيي لبنان وبقية الأقليات الأخرى المقيمين في محاذاة الحدود اللبنانية الشمالية والشرقية لن يبقوا كثيرا في المستقبل القريب بمنأى عن تداعيات الزحف التكفيري الإرهابي الذي يجتاح سوريا من الجنوب والوسط والشمال والذي بات يقترب رويدا رويدا أكثر من الحدود اللبنانية التي يتولى الدفاع عنها الجيش اللبناني والمقاومة إلا أن هذا الدفاع يبقى ناقصا وغير مكتمل العناصر طالما أنه يفتقر إلى المعادلة الدفاعية الذهبية المتمثلة بمعادلة الشعب والجيش والمقاومة، بحيث أن العنصر الأساسي في هذه المعادلة وهو عنصر الشعب الحاضن والداعم لعملية حماية الأرض والعرض والكرامة والسيادة والحرية لا يزال غائبا عن معركة الدفاع عن وجود لبنان بحدوده التاريخية التي جرى رسمها بموجب اتفاقية «سايكس – بيكو» التي تنهار رويدا رويدا تحت أقدام الجحافل التكفيرية الإرهابية التي تعيد بدماء وأشلاء الناسرسم خريطة الشرق الأوسط الجديد الذي تريده القوى الكبرى على قياس مصلحة وتفوق اسرائيل الدائم على حساب مصالح كل الشعوب الاساسية لهذه المنطقة.