من فلسطين انطلقت الرسالة المسيحية مع السيد المسيح، وجاء يبشّر بخلاص كل بني البشر، لكن الإسرائيليين اعتبروه مسيحاً دجّالاً وطلبوا منه ان يكون لليهود فقط، وليس لكل بني البشر، وعندما رفض المسيح وقال جئت برسالة لكي أبشّر كل بني البشر، صلبوه، وقالوا دمه علينا وعلى أولادنا. ونزف المسيح من يديه على الصليب، ونزف من خاصرته التي طعنه بها جندي روماني كافر، حتى استشهد المسيح وهو يغفر لمن قتله، وطلب من الرب ان يغفر لهم قائلا انهم لا يدرون ماذا يفعلون.
ومن اصل 12 تلميذاً خانه يوضاس الاسخريوطي وسلمه الى الجنود الرومان، وبقيَ 11 رسولاً من تلاميذ السيد المسيح، وبواسطة 11 تلميذ ورسولاً استطاعوا نشر المسيحية على مدى مليار ونصف مليار مسيحي في العالم. وتلك هي الاعجوبة المسيحية وتلك عظمة الرسالة المسيحية، وتلك تعاليم السيد المسيح، الذي استشهد مئات الالاف في سبيل الرسالة المسيحية.
القديس بطرس عندما قرروا صلبه قال انني لا استحق ان أُصلب مثل السيد المسيح، ولذلك اطلب صلبي بالمقلوب: رأسي لناحية الأرض، ورجليّ فوق، وصلبوا القديس بطرس في أعظم شهادة بعد شهادة السيد المسيح.
اما القديس بولس الذي انطلق من دمشق الى بساتين الليمون على نهر العاصي الى مدينة انطاكيا وبشر في العالم كله برسائل تشرح المسيحية، فقد قطعوا رأسه لانه بشر بالمسيحية، وبتعاليم السيد المسيح.
اليوم عيد الصليب، عيد الشهادة، عيد الرسالة العظيمة، عيد الاخاء الإنساني، عدوّ الصهيونية، التي قامت على التمييز بين البشر ونجحت في اغتصاب فلسطين، ولكن الى حين. فالانسان يعيش 90 سنة، ومهما استمرت إسرائيل في فلسطين المحتلة، فعمرها ليس طويلا، فالشعب الفلسطيني مناضل من الطراز الأول، وشعبنا أيضا مقاوم حتى آخر نقطة من دمه، من اجل طرد الصهيونية من فلسطين المحتلة، واسترجاع كنيسة القيامة وطريق الجلجلة وبيت لحم حيث وُلد السيد المسيح، والمسجد الأقصى، وكل التراث الديني غير الصهيوني.
اما المسيحيون في الشرق الذين هم من آلاف السنين، فقد تم تهجيرهم من ارض السيد المسيح، ومن رسالة المسيحية في الشرق. ففي فلسطين اليوم 1 في المئة من المسيحيين، واما المسيحيون الباقون فقد تم تهجيرهم او هاجروا الى الخارج بمؤامرة صهيونية مع فريق تكفيري لا يعرف حقيقة الدين المسيحي.
والكارثة الكبرى كانت في العراق، حيث كان يسكن 4 ملايين مسيحي اشوري وسرياني وكلداني. فجاء العدوان الأميركي على العراق وبدأت المذابح في ظل العدوان الأميركي وبعده، وهرب من المسيحيين من هرب الى أربيل، لكن عدد المسيحيين الذين بقوا في العراق لا يزيد عن 4 في المئة.
هاجر المسيحيون بغصّة كبرى من العراق، والعراق ارضهم وتاريخهم. والاشوريون والكلدان والسريان هم الذين حافظوا على الرسالة المسيحية طوال آلاف السنين، ومع ذلك تم تهجيرهم وذبحهم وقتلهم، وتفجير منازلهم وقراهم، من قبل التكفيريين برعاية صهيونية وحتى رعاية أميركية سلمت العراق الى التكفيريين. فقاموا بتخريب العراق وتهجير المسيحيين الذين أعطوا العراق رسالة مسيحية عظيمة وحافظوا عليها وسالت الدماء المسيحية في العراق أنهراً. وتم تدمير الكنائس، وتم ذبح مطران الموصل ولم يقبلوا ان يسيل دم المطران على الأرض، بل وضعوه في وعاء لأن دم المطران في رأيهم يدنّس الأرض.
اما في سوريا، فاجتاح التكفيريون مناطق مسيحية ودمّروا كنائس معلولا التي تتكلم لغة المسيح، وصلبوا من صلبوا من المسيحيين وذبحوهم، والعالم يتفرّج على المسيحيين وهم يقتلون ويتم ذبحهم وتهجيرهم من الشرق، لان الصهيونية لا تريد التعددية، ولا تريد أي مسيحي في الشرق، بل تريد وجها تكفيريا للاسلام، الدين الحنيف وان تكون الحرب في الشرق بالنسبة للغرب وأميركا حربا بين مجتمع يدّعي الديموقراطية وهو عنصري بامتياز ضد صورة للاسلام على انهم تكفيريون وارهابيون وقتلة.
حتى لبنان، الذي كان الدولة الوحيدة العربية بين كل الدول الإسلامية، ورئيس جمهوريته مسيحي، فذهبوا الى الطائف، وسحبوا صلاحيات الرئيس المسيحي في لبنان، وسلموها الى الرئيس الحكومة الذي اختصر مجلس الوزراء كله بشخصه والمؤسسات، وتتبع له اكثر من 110 مؤسسة تابعة لمجلس الوزراء، ويصرف الأموال كما يريد، وذلك ما حصل في الفترة السابقة.
المسيحيون يقطرون دماً، والصليب صامد، والصامد على جبيننا، وكل يوم نقوم برسم الصليب على صدورنا، ومهما سحبوا من صلاحيات رئيس الجمهورية في الطائف، فالمسيحية في لبنان صلبة، وكنائسها من حجارة القلاع. وحارب مسيحيو لبنان المماليك والتتريك والمغول وربحوا في معاركهم وصمدوا في الجبال وحافظوا على الرسالة المسيحية، حتى جاء الغدر في الطائف، وكل من وافق على الطائف. قام بغدر المسيحيين في لبنان، لا بل غدر بالدستور وبالدولة اللبنانية وبالرئيس المسيحي الوحيد في العالم العربي، حتى تغيّرت الأمور واصبح لبنان تحكمه ترويكا ـ أي ثلاثة رؤساء ـ بدل ان يكون رئيس جمهورية يدير البلاد وفق الدستور ووفق القسم الدستوري، ووفق المؤسسات التشريعية والتنفيذية.
المسيحيون يقطرون دما، كما دم المسيح، من يديه ومن صدره، ويتعذبون في الشرق. وما حصل في السنوات الأخيرة هو اكبر مجزرة ضد المسيحيين، وتهجيرهم الى الخارج، حتى فرغ الشرق من المسيحيين، باستثناء جبال لبنان ومناطق مقدسة في لبنان عليها الصليب وعليها الكنائس المقدسة وكل شيء يرمز الى شهادة السيد المسيح ورسالته العظيمة وتعاليمه وتبشير الرسل الـ 11 الذين صنعوا الاعجوبة الكبرى، حيث نشروا الرسالة المسيحية على مدى مليار ونصف مليار بشري على الكرة الأرضية.
اما في السعودية، فممنوع بناء كنيسة، مع ان الملك سلمان دشّن اكبر مسجد في روما قرب الفاتيكان، واذا ذهبت الى السعودية وعلى رقبتك سلسال عليه صليب تتم مصادرته، وكل مجلة عليها علامة الصليب يمنع دخولها الى السعودية، حتى طائرات الشركة السويسرية للطيران، تم وضعها في مخازن خاصة بعيدة عن بقية الطائرات كي لا يظهر الصليب المرسوم على ذيل الطائرة واجنحتها.
خسر الشرق المسيحيين وهم يقطرون دما، وهم يُذبحون، ويتم تدمير كنائسهم، واكبر خسارة للشرق وللاسلام هو هجرة المسيحيين واستباحة دمائهم وتدمير كنائسهم وخسارة العنصر البشري المسيحي الحضاري من المنطقة في العالم العربي كله.
اننا نؤمن بالسيد المسيح، ونسجد له، وسنبقى على رسالة السيد المسيح، سواء تم ذبحنا، فنحن لسنا احسن من السيد المسيح، ام تم تهجيرنا، ام تم قتلنا. فالسيد المسيح هو رمزنا؟ وسيبقى الصليب رغم تهجير المسيحيين من كل الشرق، كلهم انوار على تلال جبال لبنان وسنبقى نرسم كل يوم الصليب على صدورنا، سواء شاء من شاء، ام ابى من ابى. فالمسيحية هي من اعظم الرسائل التي جاءت للبشرية ونقلت البشر من الوثنية الى عبادة الله.