جملة ان «الوضع في لبنان صعب للغاية» تخطتها الاوضاع المالية والنقدية والاقتصادية والاجتماعية القائمة، وصار بالامكان القول، وفق العديد من الاختصاصيين في المال والاقتصاد، محلياً وخارجياً، أن «الوضع في لبنان ميؤوس منه» حتى ان رئيس مجلس النواب، نبيه برّي الذي يمسك بورقة المال عن طريق وزيره علي حسن خليل، صرّح منذ يومين، بما معناه، أن هناك حركة كبيرة حتى الآن، ولكن بلا بركة، واجتماعات وابحاث ومناقشات، على قاعدة «اسمع جعجعة ولا ارى طحناً». اضافة الى ان احد الوزراء المحسوبين على الاكثرية الوزارية، استغرب عدم صدور أي كلام عن اموال «سيدر» من قبل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعد اجتماعه برئيس الحكومة سعد الحريري، مكتفياً بترداد تمسّك فرنسا بصداقة لبنان وبمساعدته في تخطّي اوضاعه القائمة.
في هذه الفترة الدقيقة التي لم يمرّ لبنان بمثلها منذ تأسيس لبنان الكبير، حيث تختلط التعقيدات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية مع المشاعر الطائفية والمذهبية الحادّة، ومع قلق مسيحي مبرّر على حاضرهم ومستقبلهم، يجد فريق الثامن من آذار، أن الوقت سانح لتمرير قانون انتخابات نيابية جديد، يقوم على النظام النسبي ولبنان دائرة انتخابية واحدة، سبق وأن طرح سابقاً، ورفضته الطوائف المسيحية كافة، بمثل ما رفضته القيادات المسيحية التي اجتمعت في بكركي، وتمّ تعديله بعد مناقشات طويلة، واعتمد النظام النسبي في عدد من الدوائر الانتخابية في الانتخابات الأخيرة، وافرز المجلس النيابي الحالي.
من حيث المبدأ، يمكن القول ان الثنائي الشيعي بما يملك من كثافة شعبية منضبطة و«حديدية» عصيّة على الاختراق كما هو واقع الحال لدى الطائفة السنيّة وطائفة الموحدين الدروز، والمسيحيين طبعا، باستثناء من هم متحالفون مع النظام السوري وحزب الله، وفي هذا الخصوص يقول احد الاباء المسيحيين، ان الناخب الشيعي استطاع في الانتخابات الاخيرة ايصال عدد «حرزان» من النواب المسيحيين والسنّة، فكيف اذا جرت الانتخابات ولبنان دائرة انتخابية واحدة.
هذا القانون الجديد، يخالف الدستور، ويخالف صيغة العيش المشترك، فدستور الطائف الذي يهربون من تنفيذه، ينصّ على لا مركزية ادارية موسعة وعلى إلغاء الطائفية السياسية، ويفترض الاّ تقف عند الغاء الطائفية السياسية فحسب، بل الغاء القوانين الطائفية، وانتخاب مجلس شيوخ طائفي ومجلس نواب خارج القيد الطائفي، فلماذا الهرب من تنفيذ نصّ دستوري بدل الدخول في حوار حوله مع الجميع.
اذا كان هناك اصرار على تمرير هذا القانون المشكلة، فمن باب اولى عندها، ان يعاد النظر بطرح القانون الارثوذكسي وفق النظام النسبي ولبنائه دائرة انتخابية واحدة، او اقرار اللامركزية الادارية والسياسية الموسّعة في ما تبقى من سنوات لولاية الرئىس العماد ميشال عون.