IMLebanon

المسيحيون يقوضون الدولة!!!

يفاخر المسيحيون، والموارنة تحديداً، بأنهم الأصل في قيام لبنان الكبير، وتالياً في إنجاز الاستقلال اللبناني الذي تحقق ولم يتحقق، ولا يتحمل الموارنة مسؤولية الفشل في ذلك، إذ إن الظروف المحيطة وخصوصاً قيام دولة اسرائيل وتهجيرها الفلسطينيين، لم تثبت الاستقلال الطري العود، ولم تدفع في اتجاه تقوية المؤسسات وتمتينها للقيام بعملها على الوجه المطلوب، الى أن حلت الحرب التي أشبعت المؤسسات تدميراً، وساهمت الوصاية السورية في القضاء على ما تبقى منها، متحالفة مع ميليشيات الداخل، حتى صرنا نعيش على أنقاضها اليوم في بلد لا يشبه بلدان العالم كله.

لكن المستغرب هو التصرفات الحالية للمسيحيين التي لا تجد تبريراً. فرأس الكنيسة المارونية البطريرك مار بشارة بطرس الراعي خليفة البطريرك الياس الحويك، يتقدم بكتاب (تضاربت مصادر بكركي حياله) يتضمن قبوله بالتلاعب في الولاية الرئاسية لمرحلة انتقالية، وفي ذلك سابقة لم تسجل في أي عهد بطريركي. فالرئاسة درع الموارنة وقدس أقداسهم السياسي، والقبول بتغيير قواعد اللعبة يشكل منزلقاً بالغ الخطورة في اتجاه رغبة دفينة لدى الراعي في عقد اجتماعي جديد يشكل في جوهره خطوة نوعية، وفي واقعه قفزة في المجهول، خصوصاً بعدما أخطأ سيد الصرح في التعامل مع الملف الرئاسي، فكرس أربعة مرشحين ثم ما لبث أن سعى للتخلص من هذا العبء باقتراحه أسماء أخرى من غير “الأقوياء”.

أما الأحزاب المسيحية فحدث ولا حرج. تعطّل للتعطيل. وتقاطع للمقاطعة. وتزايد في ما بينها. وتتلطى ببكركي ساعة تشاء. وتعجز عن إقناعنا كمسيحيين قبل المسلمين بجدوى ما تفعل. صحيح أن مقاطعة التشريع وعمل مجلس الوزراء اعتبرا ممارسة ضغط في المرحلة الاولى التي تلت الشغور الرئاسي، لكنهما لم يؤديا الى أي تغيير ولم يدفعا في اتجاه انتخاب رئيس. وقد ذهب الحزبان المسيحيان المتحالفان حديثاً، أي التيار و”القوات”، الى تشريع الضرورة في مرحلة سابقة، وتحررا من هذا القيد الذي وضعاه، فتحول حصارا لهما. أما الكتائب الذي يقاطع التشريع فيفاخر بانضمامه الى الحكومة بحصة وازنة. والحجة بتسيير شؤون الناس ومصالحهم في الحكومة، تصلح نفسها لتشريع الضرورة. والتشريع ليس مكسباً لرئيس مجلس النواب أو غيره، بقدر ما هو لمصالح الناس الذين ينتظرون تسيير شؤون حياتهم المعطلة، ومقاطعته لسنتين لم تحمل رئيساً الى بعبدا.

أمس أخبرنا نائب الامين العام في “حزب الله” الشيخ نعيم قاسم بأن الازمة الرئاسية طويلة، وهو ما يعني حكماً الاستمرار في مقاطعة جلسات التشريع بما يقوض ما تبقى من الدولة، وتقع مسؤوليته على المقاطعين، كما تقع على جزء من تحالفهم مسؤولية الشغور الرئاسي. وإذا اتفقنا على أن الاستحقاق بات ورقة خارجية، او هو كذلك أصلاً، فما علينا إلا الاتفاق على ما هو ضروري في الداخل، في انتظار تجاوز الازمة.