IMLebanon

المسيحيون  إلى أين؟

 عندما وجد أن الأمور تسير بسرعة نحو أزمة حكم، وجّه الرئيس سليم الحص نداءً الى كل القوى السياسية دعاهم إلى التقيّد بإتفاق الطائف لأنه ما زال السند الوحيد الذي يحافظ على الجمهورية، ويحذّر في الوقت نفسه من المخاطر المحدقة في حال تجاهله أو تجاوزه.

الرئيس الحص صاحب التجربة العريقة في ممارسة الحكم قصد من ندائه القيادات المسيحية التي تتلاعب بدستور الطائف بما يخدم مصالحها وطموحاتها الشخصية، من دون أن تحسب أن هذا التلاعب سيُطيح بالنظام الذي يحافظ على الوجود المسيحي في هذه البقعة الصغيرة من العالم، ويحفظ حقهم في المشاركة الفعلية في الحكم.

فهذه القيادات وتحديداً النائب ميشال عون يتلاعب بإتفاق الطائف لمصلحة وصوله إلى رئاسة الجمهورية بدعم من حزب الله الذي له مصلحة في «تطيير» هذا الإتفاق وإعادة البحث مجدداً بالنظام القائم عليه من خلال مؤتمر تأسيسي يُصبح تشكيله أمراً حتمياً في ظل تفاقم الخلافات بين المعسكرين حول تطبيق إتفاق الطائف والحفاظ من خلال تطبيقه على الجمهورية وعلى المناصفة، ومعهما على صيغة العيش المشترك في بلد فريد في تركيبته الديمغرافية.

وإذا كان الرئيس الحص ركّز في ندائه على صلاحيات رئيس الحكومة، وصلاحيات مجلس الوزراء إستناداً إلى إتفاق الطائف وطالب بعدم المسّ بهذه الصلاحيات كما نصّت عليها المادة 65 من دستور الطائف، فهو لا يقصد بذلك التقليل من خطر عدم التقيّد بالدستور لملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية، بقدر ما أراد من هذا النداء تحذير القيادات المارونية التي تتعمّد تعطيل الانتخابات الرئاسية باسم الدستور من المخاطر التي يمكن أن تترتّب على هذا الموقف على النظام الذي أرساه إتفاق الطائف والذي خصّ المسيحيين برئاسة الجمهورية بهدف تعزيز الروابط الاجتماعية والمحافظة على التوازن داخل الحكم وعلى المشاركة بين كل المكونات ومن ثمّ على صيغة العيش المشترك.

صرخة الرئيس الحص هذه، يُفترض أن لا تكون في وادٍ، بل تدخل في آذان وعقل من يتعمّدون بقاء الدولة بلا رأس مسيحي لغايات ومصالح شخصية وأكثر من ذلك خدمة لمصالح جهات خارجية بات واضحاً أنها تستخدم لبنان ساحة وورقة لمفاوضاتها الدولية.

والسؤال بعد ذلك هل فهم النائب عون رسالة الحص، بعدما تجاهل رسائل 14 آذار والدكتور سمير جعجع، أم أنه سيمضي في إصراره على الوصول إلى قصر بعبدا ولو كان ذلك على جثة إتفاق الطائف وعلى حساب المسيحيين؟