لا أشجار أو زينة تذكر هذا “الميلاد”
فقيراً وحزيناً، يحل عيد الميلاد على اللبنانيين هذه السنة. لا، ليس بسبب الـ”كوفيد 19″، بل نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب جدّاً على معظم المواطنين. أيام كانت البلديات تتنافس في ما بينها للفوز بلقب أجمل زينة ولّت، ها هي اليوم منهكة تحاول جمع “بقايا” زينة الأعوام الماضية، لبث جو من الفرح بين أهلها. فهل سترتدي شوارع لبنان حلة العيد؟
“أي عيد”؟! عبارة واحدة، اتفق عليها رؤساء البلديات، ردّاً على سؤال “كيف تتحضرون للميلاد؟”. نعم، مختلفاً يحل علينا العيد، فالاحداث والازمات والاوضاع السيئة، طغت على كل مظاهر البهجة والفرح التي ترافق شهر الأعياد. واذا مرّ ميلاد العام الماضي صعباً على البلديات واضطرها للاعتماد على زينتها القديمة، فهذه السنة حتّى تركيب الزينة القديمة، بات عملية شبه مستحيلة!
لا شجرة عيد في جبيل
نبدأ بمدينة جبيل، التي تفوقت بزينتها ووصلت شجرتها في العام 2014 الى العالمية، كذلك مغارتها في العام 2019، التي حملت روحانية بيت لحم. أمّا هذه السنة، فستغيب شجرة العيد العملاقة عن المدينة نظراً للتكاليف الباهظة وارتفاع سعر صرف الدولار، وستستبدل بمغارة وستقتصر الزينة على الاضواء فقط. يخبرنا رئيس بلدية جبيل وسام زعرور عن كواليس التحضير، قائلاً: “لا يمكن أن يمر عيد الميلاد مرور الكرام في جبيل، ولكن الوضع الصعب أجبرنا على الاستعانة بالزينة القديمة مع ادخال بعض التعديلات عليها”. مضيفاً: “صحيح أنّ لا شجرة عيد هذه السنة، الا اننا سنضيء نحو 100 شجرة طبيعية من مدخل الى مخرج المدينة على طول امتداد الشارع الروماني”. ولكن لماذا لا يتم استعمال شجرة السنة الماضية؟ يجيب زعرور: “نحن بحاجة لاكثر من 80 مليون ليرة لبنانية لوضع وازالة الشجرة القديمة، وهذا لا يعني أنّ زينة جبيل لن تكون مميزة، فالعكس هو الصحيح إذ إنّ مبدأ الانارة حديث وفريد جدّاً، كذلك المغارة التي سيرافقها حائط أو لوح ليتمكن أهلنا وزوارنا من ترك أمنياتهم عليه”. وتحت شعار “خلي نور جبيل يضوي الأمل في قلوبنا”، تستعد جبيل لاطلاق زينتها الاثنين المقبل برعاية المطران ميشال عون، حيث سيقتصر الاحتفال على صلاة بقرب المغارة. ويتوقع زعرور أن “تشهد المدينة حركة جيدة، مع الأخذ في الاعتبار التدابير اللازمة للحد من انتشار كورونا، وسينتشر اكثر من 5 شرطيين في الشارع الروماني لمراقبة الالتزام بوضع الكمامة والتباعد الاجتماعي”.
المتن بحلته القديمة وزحلة زينتها متواضعة
في المتن أيضاً قرّرت بعض البلديات اعادة تأهيل زينة العام الماضي، وبحسب رئيس بلدية الدكوانة أنطوان شختورة “سنضع الزينة نفسها للسنة الثالثة على التوالي، فهناك أمور أهم جدّاً في هذه الاوضاع”. وعلى خطى جبيل تسير عروس البقاع زحلة فلا شجرة لهذا العام أيضاً، وستقتصر الزينة على اضاءة مدخل زحلة ووضع مغارة ميلادية في ساحة الشهداء. ويرى رئيس بلدية زحلة أسعد زغيب أنّ “الوضع الاقتصادي هو السبب، فأموالنا بالليرة اللبنانية، ولا يقبل احد أن يلتزم معنا على تسعيرة واضحة وثابتة بالليرة اللبنانية، وهذا لا يقتصر على شراء الزينة الميلادية فقط، بل يشمل كل الامور التي تقع على عاتق البلدية… باختصار المال موجود لكن قدرتنا الشرائية تراجعت كثيراً”. بالاضافة الى الزينة، تحرص البلدية على ادخال الفرحة الى قلوب أهلها، وتحت شعار “زحلة ترنم”، سيتم توزيع 7 فرق من الكورال على 20 كنيسة في زحلة، مع أخذ التدابير اللازمة للحد من الفيروس، وستكون شرطة البلدية حاضرة للتأكد من الا تستقبل الكنائس أكثر من 50 في المئة من قدرة استيعابها، والالتزام بوضع الكمامة”.
في بيروت… مغارة من البيوت المدمرة
نصل الى العاصمة بيروت، التي ضربها انفجار المرفأ في صميمها، لكنها أبت الاستسلام وقررت أن تخلق من رحم مأساتها ولادة جديدة مع ولادة السيد المسيح وأن تزرع الامل في نفوس أهلها. وتشير المعلومات الى أنّ بلدية بيروت نسقت مع الجمعيات على الارض لتلوين المدينة لاستقبال العيد المجيد، ولتحضير شجرة وقرية ميلادية في ساحة ساسين، وتزيين مختلف الشوارع بالتعاون مع جمعيتي تجّار الاشرفية والرميل ومع نقابة أصحاب المطاعم في الجمّيزة ومار مخايل. الّا أنه حتّى كتابة هذه السطور، ما زالت الصورة غير واضحة، ولا سيما أنّ كل النشاطات جُمّدت مع اعلان التعبئة العامة في البلاد، وتعمل الجمعيات حالياً، على تنظيم صفوفها لتحقيق هدفها قبل العيد. وفي اتصال مع حملة “دفى” التي ورد اسمها من ضمن الجمعيات التي ستكون حاضرة للتزيين على الارض، فقد نفت هذا الموضوع مع تأكيدها تحضيرها لنشاط ميلادي في الأشرفية، من دون أن تكتمل فكرة هذا النشاط حتّى الساعة. أمّا جمعية “بيت البركة” فأوضح المدير التنفيذي فيها الياس خليل أنّ “هذا الاسبوع سيبدأ العمل لتزيين محيط مستشفى الروم والرميل، وسترتكز الزينة على شجرة العيد ومغارة مصنعة من أحجار واخشاب البيوت المدمرة نتيجة انفجار “4 آب”، بالاضافة الى اضاءة الشوارع في هذه المنطقة. كذلك، نحضر لإحتفال صغير في 23 و 24 من الشهر الجاري، لافراد جمعيتنا ولبعض الاشخاص المتضررين من الانفجار، حيث سيتم توزيع زجاجة من النبيذ وحبش العيد والـ”Bûche de Noël” على كل فرد”.
اذا كانت البلديات قد قررت الاستعانة بزينة الأعوام الماضية لتزيين شوارعها بسبب الوضع الاقتصادي، فلن يكون أمام اللبنانيين خيار أفضل يتبعونه، فالاسعار «النارية» في المحلات ستمنعهم من تجديد زينتهم، وللثنائي المتزوج حديثاً وينوي اضفاء اجواء ميلادية على منزله فنقول له «الله يساعدك ويكون معك».
أسعار شجرة العيد
في جولة على بعض المحلات المختصة ببيع زينة العيد والتي تكون في مثل هذه الفترة مكتظة بالناس، لاحظنا أنّ الزينة في الاسواق لم تتبدل عن العام الماضي، الّا أنّ ذلك لم يمنع التجار من رفع سعرها أكثر من ثلاثة أضعاف تحت حجة «التمكن من شراء بضاعة جديدة». نبدأ بسعر شجرة العيد، التي يختلف سعرها بحسب طولها ونوعيتها، ولكن بشكل عام يتراوح سعر الشجرة من طول 150 سنتيمتراً بين 150 ألفاً الى 450 ألفاً، وهنا نتكلم عن النوعية متوسطة الجودة، أمّا النوعية الافضل فيمكن ان يصل سعرها الى 700 ألف، وكلما ارتفع طول الشجرة، ارتفع معه سعرها حيث يمكن ان يصل الى حدود المليوني ليرة لشجرة بطول المترين.
أسعار الـ»Boules»
ننتقل الى زينة الشجرة أو الـ»Boules»، يبدأ سعر العلبة المؤلفة من 3 طابات صغيرة الحجم بـ18 ألف ليرة لبنانية ويصل الى حدود الـ40 ألفاً مع اختلاف حجمها. أمّا الطابات المميزة والمزخرفة، فيمكن ان يصل سعر الطابة الواحدة الى الـ40 ألف ليرة لبنانية. كذلك، يختلف سعر اضاءة الشجرة بحسب العدد والنوعية ولون الإضاءة، فيتراوح سعرها من 25 ألفاً وصولاً الى الـ100 الف ليرة.
شخوص المغارة
نصل الى شخوص المغارة، التي تختلف أسعارها بحسب حجمها والمواد المصنعة، فيمكن الحصول على مجموعة شخوص بالحجم الصغير بسعر يتراوح بين الـ80 والـ100 ألف، والحجم المتوسط بسعر يتراوح بين الـ110 والـ150 ألفاً، أمّا الحجم الكبير فيباع الشخص الواحد بـ150 ألفاً ويمكن ان يصل الى الـ300 ألف. ناهيك عن سعر أوراق المغارة التي باتت تباع الورقة الواحدة بألف أو ألفي ليرة.