مجزرة جديدة ارتُكبت في حق الشعب اللبناني مع توقيع وزير الصحة فراس ابيض على رفع الدعم جزئياً عن أدوية الامراض المزمنة، ليتضاعف سعرها ما بين 5 و 10 مرات، من دون توفير اي بديل ولا إقرار البطاقة التمويلية ولا تقديم مساعدات للمحتاجين، بما يحتّم على المواطن مجدداً المفاضلة بين الدواء او الطبابة او فاتورة المولّد او شراء الطعام او شراء المحروقات أو أو أو… كل ذلك ولا تزال وديعته محجوزة ويُفرج عن جزء محدود منها وفق سعر 3900 ليرة، فيما وصل سعر الدولار في السوق الموازي الى 23 الفاً، والذي على اساسه يتمّ تسعير كل شيء.
بعد فقدان الأدوية من الصيدليات منذ قرابة 4 اشهر، لجأ خلالها المواطن لتأمينها من الجمعيات الخيرية او من أقارب له في الخارج، او ببساطة توقف عن تناولها، أتى قرار رفع الدعم عن أدوية الامراض المزمنة جزئياً وتسعير الجزء غير المدعوم وفق دولار السوق الموازي، بمثابة نحر عن سابق تصور وتصميم للمواطن. فالأسعار التي تضاعفت باتت حكراً على مالكي الدولار، اما المواطن فيحتار في اي اتجاه يضع مدخوله، لأنّ المفاضلات باتت كثيرة، فكل شيء ارتفع سعره، بينما الراتب بالكاد يكفي تعرفة نقل الى العمل. كل ذلك ولا تزال الحكومة في غيبوبة، وكل القرارات التي تصدرها تنحصر فقط برفع الاسعار (رفع الخبز، المحروقات، الغازن الدواء، المولدات، وقريباً الدولار الجمركي والكهرباء…)، على انّ كل ما يُروّج له من بطاقة تمويلية، الى دعم للعائلات الفقيرة، الى سلف على الراتب، الى رفع تعرفة النقل، الى رفع دولار المصارف اكثر من 3900 ليرة….كلها لا تزال حبراً على ورق، بحجة تجنّب زيادة التضخم.
وفي تفاصيل قرار رفع الدعم الاخير الذي وقّعه وزير الصحة فراس ابيض منذ يومين، يقول نقيب مستوردي الأدوية كريم جبارة لـ”الجمهورية”، انّه لغاية اليوم تمّ رفع الدعم عن ثلث الادوية تقريباً (بقرار صدر منذ حوالى 4 اشهر) أما بقية الادوية والتي كانت لا تزال مدعومة فتنقسم الى قسمين هي: ادوية الامراض المستعصية مثل السرطان، وادوية الامراض المزمنة مثل الضغط والقلب والسكري والاعصاب والربو والكولستيرول… وتكمن المشكلة في نقص الاموال المخصّصة في المصرف المركزي للدعم، إذ انّ ميزانية الدعم المعطاة لوزارة الصحة تقلّصت الى 25 مليون دولار. لذا كان لا بدّ للوزارة من السير بأولويات، وقد أُعطيت ادوية السرطان الجزء الاكبر من الاموال المخصّصة للدعم، وعليه لن تتغيّر اسعار هذه الادوية، وهي لا تزال تحظى بدعم كامل. وبعد النقص الذي امتد لفترة طويلة في هذه الادوية، يمكن القول انّه منذ قرابة الاسبوعين بدأت تصل هذه الادوية الى لبنان تباعاً، لتلبية حاجة السوق قدر الإمكان.
أما ما تبقّى من الـ 25 مليون دولار، فهو جزء صغير لا يكفي لتأمين الدعم الكامل لبقية الأدوية المزمنة، لذا ومن اجل استخدامه بأفضل طريقة ممكنة، قدّمت الوزارة دعماً تصاعدياً، بحيث انّه كلما كان ثمن الدواء مرتفعاً كلما كان الدعم أكبر والعكس صحيح. وعليه، فإنّ أرخص ادوية، وهي تلك التي يشتريها المستورد من الخارج بأقل من 5 دولارات، ستكون مدعومة بنسبة 25%، أما الادوية المستوردة التي يتراوح سعرها ما بين 5 و 10 دولارات، فتصل نسبة الدعم فيها الى 45%، اما الادوية التي يتراوح سعرها ما بين 10 و 50 دولاراً يطالها الدعم بنسبة 65%، اما بقية الادوية التي يزيد سعرها عن 50 دولاراً فستحظى بدعم كامل وفق دولار 1500 ليرة، على ان يدفع المواطن الجزء غير المدعوم المتبقّي من هذه الادوية وفق سعر الدولار في السوق الموازي، وعليه تكون الادوية المدعومة بنسبة 65% ارتفعت اسعارها 5 مرات، لافتاً الى انّ الادوية التي تدخل من ضمن هذه الفئة لا تزال ارخص بـ 50 الى 60% مما لو رُفع عنها الدعم كلياً. لذلك انّ فئة الادوية هذه لا تزال معرّضة للتهريب.
وأوضح جبارة انّ وزارة الصحة أعطت استثناءات على بعض الأدوية مثل ادوية «الانسولين» التي بغض النظر عن اي فئة اسعار تنتمي، ستبقى مدعومة بنسبة 80%، كما استثنت ادوية الصرع والباركنسون…ويتوزّع الدعم ما بين 45 و65% حسب السعر.
وأكّد جبارة رداً على سؤال، انّ غالبية الادوية المزمنة يوجد منها عدة اسعار، وبالتالي يمكن ايجادها في كل فئات الدعم. ولفت الى انّ الدعم الذي يتوزّع بنسب متفاوتة على هذه الادوية حال دون رفع اسعارها 14 مرة كما سبق وحصل مطلع الصيف عند رفع الدعم كلياً عن بعض الادوية.
الى ذلك، اعلن جبارة انّه بعد الرفع الجزئي للدعم عن الأدوية المزمنة، من المتوقع إعادة إحياء دورة الاستيراد مجدداً، بعدما كانت شبه متوقفة منذ نحو 4 اشهر. وعليه، سيصبح هذا النوع من الادوية متوفراً في الصيدليات تباعاً. كما استبعد جبارة ان يتمّ رفع الدعم كلياً عن الدواء اعتباراً من مطلع العام.