Site icon IMLebanon

الكنيسة والقوى المسيحية تعارض توجهات عون 

لا يزال الدعم المسيحي الوازن والعارم غائب عن عامية التيار العوني كون الكنيسة المارونية لم تعط الغطاء الكافي، ولأن العديد من الموارنة المسيحيين المرشحين لموقع رئاسة الجمهورية يعتبرون بحسب أوساط مسيحية في 14 آذار بأن معركة العماد عون وبعيدا عن الشعارات الفضفاضة حول حقوق المسيحيين هي معركة رئاسة الجمهورية قبل أن تكون أي شيء آخر. مضيفة بأن نسبة نجاح أو فشل الحراك العوني في الشارع ليست متساوية بل أن الكفة تميل لناحية احتمالات الفشل خصوصا ان سقف التهديد العالي جدا الذي حدده العماد عون والذي أتى مرفقا بموجة عارمة من التهديد والوعيد الذي أطلقه التيار العوني باتجاه القوى التي حدد المعركة في مواجهتها قد أدى إلى تحديد اطار المعركة على انها معركة حياة أو موت للعماد عون في حين أنها معركة عادية بالنسبة للقوى السياسية الأخرى المدركة في صميم ذاتها بأن الوضع اللبناني بإنقسامه السني – الشيعي الحاد والمرتبط بموازين القوى الدولية والإقليمية الفاعلة والمؤثرة في كل أرجاء المنطقة غير قابل لتحقيق ولو نصف المطالب التي يرفعها العماد عون بدءً من التعيينات العسكرية التي جرى اسقاطها بضربة التمديد القاضية لكل من قائد الجيش ورئيس الأركان أما المناصفة وحقوق المسيحيين وقانون الإنتخاب وما عداها فأن أمر بتها ليس بيد اللبنانيين جميعهم فكيف بالأحرى يمكن للعماد عون وحده مع ما يمثل كفريق سياسي لبناني أن يقدر على حل كل هذه القضايا في السياق الذي يتلاءم مع طموحاته وشعاراته.

وضمن هذا السياق تتابع الأوساط بأنه لا خلاف حول هدف اعادة الاعتبار للدور والحضور المسيحي في الدولة اللبنانية من خلال تصحيح الخلل القائم على صعيد المشاركة المجحف بحق المسيحيين والذي يميل لمصلحة المسلمين على النحو الذي يتعارض مع دستور لبنان وميثاقه، إلا أن التوقيت هو أهم من المعركة نفسها، بحيث أن الكنيسة المسيحية والقوى المسيحية الأساسية الأخرى تختلف وتتعارض مع توجهات العماد عون لناحية انها تعتبر بأن أولوية الأولويات اليوم يجب أن تكون لانتخاب رئيس للجمهورية في ظل الكثير من المؤشرات والمعطيات التي تدل بأن وقت التسويات قد بدأ في المنطقة وبطبيعة الحال فأن لبنان سيكون متأثرا بما ستؤول إليه الأوضاع في بلدان الجوار والمحيط خصوصا أن تاريخ تجارب المنطقة حافل بالتسويات والتفاهمات الغامضة المعالم. وبالتالي فإنه بعد انجاز الاستحقاق الرئاسي وعودة الانتظام إلى عمل المؤسسات الدستورية على أثر عودة الحياة إلى قصر بعبدا يصار بعدها إلى طرح قضايا اعادة الصلاحيات وإحقاق المناصفة الصحيحة وإقرار قانون انتخاب عادل يكرس الشراكة الحقيقية الميثاقية بين المسيحيين والمسلمين في البلد ومن بعدها يتم اجراء الانتخابات النيابية التغيرية والإصلاحية والتي تؤمن نتائجها اعادة تكوين السلطة في لبنان.

وشددت الاوساط على انه اضافة إلى ذلك، هناك مسألة أكثر أهمية مطروحة اليوم في كواليس الاروقة الدبلوماسية والسياسية والأمنية والمتمثلة بالتهديد التكفيري القادم على شمال لبنان على أثر سقوط مدينة «القريتين» الإستراتيجية في ريف حمص بيد تنظيم داعش، وهذه المدينة بحسب المعلومات المتداولة تبعد فقط مسافة لا تتجاوز الـ 60 كلم. عن حدود لبنان الشمالية التي هي ضمن نطاق الخريطة الموزعة من قبل تنظيم داعش لدولته المزعومة، ما يعني بأن توحيد الساحة المحلية والحفاط على الحد الأدنى من أمنها واستقرارها ودعم الجيش اللبناني من خلال تخفيف التوترات والاحداث الأمنية المتفرقة والمتنقلة التي ترهق وتشت قواه التي يجب أن تبقى بالدرجة الأولى جاهزة وحاضرة لمواجهة الخطر التكفيري النابع من خلاياه النائمة في اكثر من منطقة لبنانية داعمة وحاضنة لهذا الإرهاب، والخطر التكفيري القادم من الحدود الشمالية بعد أن أصبح تنظيم «داعش» على بعد بعض الكيلومترات عن لبنان الذي يجب أن يستعد ويتحضر لأسوأ السيناريوهات التي يمكن أن تهدد كيانه وسيادته وحريته في ظل التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة المنطقة .

واشارت الى أن هناك مغامرة كبيرة بدعوة العماد عون المسيحيين إلى التظاهر خلف عنوان يحمل تحذيرات تهديدية في وجه قائد المؤسسة العسكرية التي هي سياج لبنان وعاموده الفقري في الحفاظ على أمنه واستقراره وسلمه، وهي المؤسسة التي لطالما دافع ووقف إلى جانبها المسيحيين في أحلك الظروف وكل المراحل منذ قيام دولة لبنان الكبير. ما يعني بأن تصادم شباب التيار العوني في الشارع مع عناصر الجيش اللبناني سوف تنقلب مفاعيلها وعواقبه الوخيمة على مصير ومستقبل العماد عون السياسي، خصوصا أن هكذا سيناريو يبقى قائما نظرا لوجود أكثر من طابور خامس حاضر وجاهز للدخول على خط التوتير لخلق وافتعال الحوادث الأمنية بين المتظاهرين والجيش وسائر القوى الأمنية وذلك بهدف إزاحة العماد عون من حلبة سباق المرشحين إلى قصر بعبدا، وهو هدف سيؤدي بطبيعة الحال إلى إزاحة العماد عون عن خارطة الزعماء الاساسيين المسيحيين في البلاد.

وأضافت بأن اعتماد العماد عون على قوة حزب الله وجماهيره في هذه المعركة سيكون أيضا مقتلا لكل شعاراتها ومشروعيتها ،وبالتالي فشل مسبق لها حتى قبل أن تبدأ وتنطلق خصوصا ان الشعارات التي يرفعها التيار العوني هي شعارات تطالب بحقوق مسيحية لا علاقة لها بحزب الله لا من قريب ولا من بعد. ما يعني بأن دخول حزب الله على هذه المعركة سيكون لزوم ما لا يلزم وسوف يؤدي وبشكل سريع إلى نسف الطابع المسيحي لهذه المعركة التي ستتحول كأي معركة أخرى من معارك 14 و 8 آذار في البلاد و التي يتحكم بمجرياتها ومعطياتها ليس معيار حقوق المسيحيين واعادة الإعتبار لشراكتهم الوطنية في السلطة والحكم في لبنان، بل عندها من سيتحكم في تطورات هذه المعركة هو فقط معيار المحاور الإقليمية والدولية التي ترتبط بهما كل من قوى 14 و 8 آذار حتى اشعار آخر .