IMLebanon

مرجع كنسي: مسيحيّو الشرق على خطى الأرمن ولبنان نقطة جذب لأكبر تجمّع مسيحي في المنطقة

اذا كان الغرب المسمى عرضاً بـ«المسيحي» تحت وطأة التغلغل الصهيوني القاتل والمخاتل والمزور لسلوكيات المجتمع الاوروبي ومؤسساته والمخترق لدوائر القرار وصناعة السياسات قد ابتدع فكرة الطرد الناعم للجالية الاسلامية بعد الصفقة الكبرى مع التنظيم العالمي للاخوان المسلمين والسلطان اردوغان الباحث عن تاج السلطنة وسط هذا الركام المادي والهذيان العقائدي وسيل الدماء بغية توليف الامبراطورية بكيانات يحكمها الاسلام السياسي فيسهل «الطرد الناعم» على حساب «الجذب الخشن» للمسيحيين من الشرق فيتم الاجهاز على الفكرة المسيحية في الينابيع وتجفيف دفقها العالمي كشاهدة مشرقية على ولادة السيد المسيح له المجد لصالح قيام يهودية الدولة في فلسطين المحتلة فوق انقاض القيامة وكنيستها الخاوية من «جماعة المؤمنين» فترتاح اوروبا المسماة «عرضاً» مسيحية في اثقال الجالية الاسلامية الزاحفة بالولادات والتي قلبت او كادت كل القواعد الديموغرافية في القارة العجوز وذات يوم قالها القذافي: سنستعيد الاندلس بالولادات بعد ان خسرها العرب بالمعارك الحربية».

فيتحول الجسد المسيحي المكلوم في الشرق والنازف مأساة ودما أسير الشهادة او الطرد فيتلقفه الغرب ليملأ فراغ الجالية الاسلامية المطرودة الى موطنها الاصلي لتعيش في كنف دول صنعت خصيصا لتلتحف العباءة العثملية المطرزة بافكار داود اوغلو فيلسوف السلطنة المتجددة.. والمحصلة المسلمون والمسيحيون على السواء يقفون على حد الطرد المزدوج باتجاهين متعاكسين ولهذا الطرد آلياته وأفكاره وتجسداته العملية عبر تلك الجحافل والمخلوقات المصنعة كالروبوتات في مختبرات دوائر الاستخبارات العالمية فيغدو التكبير على ذبح النفس البشرية صراطاً اسلامياً ويصير حسب مزاعم هؤلاء القرآن الكريم امتداداً للتوراة لتبرير عدم معاداة الكيان الصهيوني ويصبح نسف المساجد التاريخية التي يعود بعضها الى القرون الخمسة الاولى للهجرة وأضرحة اصحاب الرسول الاكرم سبيل عبادة وصاروجود كنيسة القيامة الى جانب المسجد الاقصى الغاء لقداسته ناهيك عن التصدي «للوثنية» بهدم الاوابد التاريخية والشواهد التراثية والحضارية ونتاج الشعوب التي سكنت هذه الارض.. وبذلك مجافاة حقيقية واغتراب فاضح عن العقيدة الاسلامية ونهجها الروحي والانساني العظيم.

شاهدان كافيان في هذا السياق: الآية الكريمة: «من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً». ووصية الخليفة الراشدي ابوبكر الصديق: «يا أيها الناس قفوا اوصيكم بعشر فاحفظوها عني: لا تخونوا، لا تغلوا، لا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ولا تقتلعوا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا الا لمأكلة وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا انفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا انفسهم له وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام فإن اكلتم منها شيئا بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها».

في هذا السياق يقول مرجع كنسي تربطه علاقة وطيدة بدوائر الفاتيكان: ان هذا الصخب الدموي وصناعة القتل المنظم واستباحة الحرمات هو من تدبير عقل يهودي تزاوج مع المصالح الغربية والاميركية لانتاج اسلام يدمر الدين الاسلامي والحضارة الاسلامية ويجرف معه الاقليات التي تشكل النسيج الانساني الامثل في العالم مع شريكها المسلم والنقيض الفعلي لنظريات صراع الحضارات، فالغرب لم يكن في يوم من الايام حامياً او راعياً لمصالح المسيحيين في الشرق بل كانت العروبة الانسانية الحضارية هي الدرع الواقي والحاضن العقائدي والتاريخي الخلاق لكل الجماعات دون تفرقة او تمييز فشكلت دين الجميع وعقيدتهم دون ان تتناقض مع حرية المعتقد والتمايز الشكلي حتى اضحت جوهرا عاما يعكس جوهر الاسلام والمسيحية في اهدافها الانسانية والروحية السامية.

ويتابع المرجع: ان دوائر الفاتيكان تدرك جيدا هذه الحقائق وهناك صراع خفي بينها وبين الصهيونية الساعية مع الغرب لتشكيل ثلاثية اقليمية بخلفية دينية ومذهبية تقوم على ايران وتركيا واسرائيل الدولة اليهودية وبين هذه الركائز الشرق اوسطية تذبح العروبة بالعصبيات المذهبية وتذبح الاقليات بسيف التكفير والتهجير علما ان مقاومة حزب الله لاسرائيل خلقت ثقافة وحدوية اعادت للعروبة بعضا من بريقها الخافت، والفاتيكان أخذ على الاوروبيين خذلانهم والتماهي في سياسات اسرائيل وأذرعها المسيطرة في الحكومات والاعلام الاوروبي والاميركي ولطالما وجه تحذيرات ضمنية للاقلاع عن السير في الركب اليهودي الهادف الى تفريغ الشرق من المسيحيين وتذويب المسيحية المشرقية التي تعتبر المدد الروحي والايماني والعقائدي للمسيحية في العالم.

ولفت المرجع الكنسي الى ان جهودا تبذل من قوى مسيحية في العالم لحظة مسيحية معاكسة يقودها هيئة غير بعيدة عن توجهات الفاتيكان كخطوة اولى تقوم على الاستئناس بالتجربة الارمنية الشبيهة بحال المسيحيين في المشرق العربي ووادي النيل حيث تتكرر الابادة والمذابح والتطهير الديني للمسيحيين على يد احفاد العثمانيين الجدد بدفع من المسيحية المتصهينة في الغرب، وكأن التاريخ يعيد نفسه وقد وجد الارمن بوطن الارز ملاذاً احتضنهم وتحولوا تدريجياً الى جزء من النسيج الوطني اللبناني، وعلى هذا الاساس تقضي الخطة باستيعاب المهجرين المسيحيين في اوطانهم في لبنان على ان تتولى كل عائلة مسيحية لبنانية عائلة مسيحية مهجرة في حين يستحوذ الوقف المسيحي بكافة مذاهبه الكم الاكبر فيصبح لبنان الملجأ والملاذ والمحطة الظرفية ولا ضير اذا كانت دائمة طالما الظروف لا تسمح بعودتهم الى دولهم ونشأتهم وجذورهم الاصلية من دون لافتة الوطن القومي المسيحي التي ظهرت ابان الحرب الاهلية بل مزيد من الاندماج الوطني الذي يعيد في المرحلة الاولى التوازن المفقود على المستوى الديموغرافي الذي هو بالاصل مختل ومكسور قبيل دخول مليون ونصف نازح سوري ونصف مليون فلسطيني وهؤلاء أخذ قرارضمني في الامم المتحدة لتوطينهم في لبنان لتعطيل الحراك الشيعي ونفوذه المتعاظم ليس في لبنان بل على مستوى الاقليم والهدف طبعاً اراحة اسرائىل المنغمسة في مشروع ذبح الاقليات والطرد المنظم للمسيحيين صلة الوصل الضرورية بين العرب والغرب وتسعير الاحتراب المذهبي..

ويقول المرجع الكنسي: سيشهد لبنان ورود طلائع المسيحيين المهجرين من العراق وسوريا واقباط مصر الذين تعمل العصابات الارهابية في خدمة مجانية لاسرائىل بتصديع مصر وطنياً وبذر الفتنة في ارجائها، علماً أن المتمولين المسيحيين في حلب والشام معظمهم بات في لبنان تملك وبدأ بالاستثمار المصرفي والتجاري والعقاري وسيكون لبنان في المدى المنظور نقطة تجمع لاستيعاب الآلاف من مسيحيي الشرق، وهذا سيكون الرد العملي على الخطة الصهيونية حيث بات الوجدان المسيحي المشرقي مطبوع بفكرة ان التكفير واسرائىل كلاهما وجهان لعملة واحدة وكل طرف يقدم للآخر خدمات تخدم المشروعين معاً وهما سبب الحال الكارثية التي عاشها ولا يزال يعيشها المسيحيون..

ويقول المرجع الكنسي: لا موانع من ادخال المسيحية الى لبنان حيث سيتموضعون راهناً ريثما يحين الظرف المناسب للعودة وهناك قناعة لدى الكنيسة الكاثوليكية من ان لبنان افضل ملاذ لهؤلاء المضطهدين وليبلغ الغرب مخطط جذبهم الى رحابه فيكونون اقرب الى مواطنهم الاصلية من جهة وفي اسوأ الاحتمالات يحتويهم لبنان كما الارمن ويتحولون لاحقاً مع اللبنانيين المسيحيين الى قوة مسيحية وازنة مندمجة وطنياً واهم من ذلك انها قادرة على اطلاق فكرة العروبة من جديد واسلافهم روادها كتفاً الى كتف مع اخوانهم في الطوائف الاخرى واذا كانت نية اسرائيل والعصابات الارهابية طردهم من موطن المسيحية الاصلي فان لبنان سيكون نقطة تجذرهم والاهم سيكونون رأس حربة المشروع العربي المقاوم وستسقط الى الابد فكرة حماية اسرائىل للمسيحيين لا بل حماية بيت لحم والقدس ستكون قضية مسيحية بامتياز كما الدفاع عن المسجد الاقصى قضية اسلامية والقضيتان ستوحدان الاسلام والمسيحية في وجه الصهيونية ومشاريعها في المنطقة.

ويختم المرجع الكنسي: سترون الآلاف في قادم الايام من المسيحيين قد يمموا شطر وطن الارز ولا احد يستطيع الوقوف حائلاً دون ذلك لان الخطة المعاكسة تقضي المواجهة ولبنان الخندق المتقدم في طرد اللصوص من الهيكل..