يشهد للبطريرك مار بشارة بطرس الراعي انه احدث ثورة في البروتوكول الذي كان متبعاً في الصرح البطريركي حيث تكرس العرف القائل بأن البطريرك الماروني «يزار ولا يزور» فمنذ انتخابه لملء السدة البطريركية المارونية عمل على قلب الموازين المعروفة في حركة صاحب الغبطة، حيث انطلق في جولات مكوكية لزيارة الرعية في كافة الابرشيات اللبنانية، وهذا ما لم يقدم عليه احد من اسلافه للاطلاع على شؤون الرعايا، حاملاً شعار «الشركة والمحبة» وقلب المفهوم المعتمد ليكون البطريرك الماروني صورة عن الاشخاص العاديين على قاعدة انه «يزور ويزار» واذا كان الراعي قد اطلق هذا النهج تقول اوساط مسيحية، فان بعض المتزمتين في الاروقة السياسية منها والكنيسة لم يتقبلوا هذه الظاهرة الجديدة، علماً ان البابا فرنسيس الاول احدث ثورة منذ اعتلائه السدة البابوية في البروتوكول الذي كان متبعاً في حاضرة الفاتيكان من حيث التواصل مع الناس والعيش بطريقة طبيعية لم يعرفها اسلافه من البابوات، فقد استبدل الصليب الذهبي بصليب خشبي جاعلاً من التواضع رغيفاً يومياً في علاقته مع الاخرين، الى حد انه احتفل بعيد ميلاده مع مجموعة من المشددين، فلماذا يؤخذ على الراعي انقلابه على البروتوكول؟
وتضيف الاوساط ان انتخاب الراعي خلفاً لمار نصر الله بطرس صفير الذي استقال بعدما طعن في السن كان حصيلة ارادة فاتيكانية لمواكبة الزلازل في المنطقة حيث الخطر الوجودي يحيط بالمسيحيين الذين هجرهم التكفيريون من العراق ومن المناطق التي سيطر عليها الداعشيون و«جبهة النصرة» في سوريا، ليبقى البلد الصغير آخر معقل لهم قبل ان يتحولوا الى آخر الهنود الحمر في المنطقة، ومن هذه الزاوية واكب الراعي المجريات الدموية وزار دمشق على وقع القذائف والحدائق لتفقد شؤون المسيحيين وشجونهم دون ان يرف له جفن، كما حمل الهم المسيحي الوجودي الى عواصم القرار في الغرب مندداً بما يحصل في المنطقة، ولا تنسى المصادر موقفه الشجاع من على درج الاليزيه ايام حكم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ادانته لموقف باريس من الاحداث في سوريا على قاعدة تفضيل «السيء على الاسوأ» الا ان موقفه بقي صوتاً صارخاً في الغرب الاميركي المتوحش، حيث انه اثناء جولته في الولايات المتحدة الاميركية تحاشى معظم المسؤولين في واشنطن لقاءه ردا على موقفه المناهض «لتقسيم المقسّم» في لعبة الامم.
وتشير الاوساط انه اضافة الى حركة الراعي المكوكية لحماية المسيحيين اثقل كاهله هم اضافي يتمثل بالاستحقاق الرئاسي في بلد مقطوع الرأس وما للموقع من اهمية رمزية للوجود المسيحي في الشرق، فلم يترك مناسبة الا واثار فيها هذا الموضوع بحيث لم تخل اية عظة من عظات الاحد من الحاحه على المعنيين لانتخاب رئيس للجمهورية، لا سيما وان الراعي مؤتمن على الوديعة التي انجزها البطريرك الياس الحويك وهي «دولة لبنان الكبير»، حيث يخشى سيد بكركي ان ينهار الهيكل على من فيه كون الجسد يستحيل استمراره حياً اذا قطع منه الرأس، وقد سارع اثناء لقائه الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بتسليمه وثيقة يطالب في احد بنودها انتخاب العماد ميشال عون لمدة عامين وفق الوزير السابق وئام وهاب وربما هدف الراعي من ذلك محاولة لكسب الوقت كون الاحداث السورية باتت خارج السيطرة وفق وزير الخارجية الاميركي جون كيري.
واذا كانت بعض المصادر قد روّجت ان الراعي زار الامين العام «لحزب الله» السيد حسن نصرالله منذ اسبوعين لبحث ملف الشغور الرئاسي فان اوساط بكركي لم تؤكد ولم تنف الخبر، وحصرت ردها بالقول «لحد هلق ما معنا خبر» معيدة الى الاذهان ردها على وهاب الذي جاء ملتبساً على قاعدة النفي الخجول الذي هو اقرب الى التأكيد.