تتسارع وتيرة التحالفات الانتخابية مع اقتراب موعد انتهاء مهلة إعلان اللوائح في ٢٦ الجاري، فتظهر أولى نتائج هذا القانون الهجين في تحالفات آنية بين خصوم الأمس لدعم فرص الوصول إلى الندوة البرلمانية… فيما تنشط حركة مرشحي الطبقة السياسية على الأرض حاملين معهم وعوداً ومشاريع أقرب إلى الخيال تطرح أكثر من علامة استفهام حول توقيت إطلاقها وأسباب إهمالها كل هذه السنوات، وحول إمكانية خداع الناخب بعد كل المعاناة والإجحاف اللذين ذاقهما نتيجة استخفاف السلطة به وبحقوقه!
إن مداعبة أحلام الناخب عبر إيجاد فرص عمل والحد من هجرة الشباب وتأمين أدنى متطلبات العيش الكريم من ماء وكهرباء هي فصل جديد من الخداع الذي تعرّض له اللبنانيون عندما صدّقوا هذه الوعود وانتخبوا المجلس الحالي الذي ما انبرى يمدد لنفسه من دون تكليف نفسه تحقيق بند واحد مما كان وعد به، مع ثقته التامة بأن سلاح المحاسبة ليس بيد الناخب ولن يكون.
إلا ان الوضع اليوم تغيّر ودقت ساعة الحساب لطبقة امتهنت الفساد واستباحة مقدرات دولة بأكملها والتي هي حق حصري لشعبها، واستخفت بمعاناة الناس وسكتت عن اختفاء الطبقة المتوسطة التي هي عماد المجتمع في أنحاء العالم من دون أن تحرّك ساكناً، دافعة بالبلاد والعباد داخل نفق أزمة اقتصادية لم يشهدها اللبنانيون في أكثر أيّام الحروب ظلمة، في حين تنعدم الحلول لا بل يتمادى بعض المسؤولين بالتباهي بالحلول القائمة على الصفقات والحسابات الشخصية الضيقة… فالمتاجرة بحق المواطن بالحصول على الكهرباء، كما تؤمّن أكثر الدول تخلّفاً لشعوبها، عبر صفقة تكلف خزينة الدولة أبهظ الأثمان ولا تشكّل الحل النهائي، هو يتجاوز الاستخفاف بعقول الناس والمتاجرة بحاجاتهم الملحة… الأمر نفسه ينسحب على النفايات التي باتت سمة الوطن المُعيبة التي يسألك عنها القاصي والداني، ولا تزال الحلول المطروحة بعيدة كل البعد عن المعالجة العصرية والصحية والجذرية التي يتوجب مقاربة هذا الملف بها.
أما المرأة فلم تسلم من بازار الانتخابات حيث طرح الوزير باسيل، على الأرجح بصفته وزيراً، لأن هذا الطرح يضر بصورته كرئيس تيار وطني حر، كونه طرح لا وطني ولا يعني الحرية بأي شكل عندما يُروّج لقانون يسمح للبنانية المتزوجة من أجنبي خارج دول الجوار بإعطاء الجنسية لأولادها، في طرح كرّس طائفية الوزير باسيل بامتياز، وكرّس اللاعدالة بين أبناء الوطن الواحد، وشكّل وصمة عار على التشريع إذا كان يوم نطق سيكون بالباطل، فالأفضل أن يبقى شيطاناً أخرس!
إنه زمن التجارة الرديئة حيث كل القيم والمبادئ خاضعة للعرض والطلب، إلا أن طرفاً واحداً يتحمّل الخسارة.. وهو المواطن! ويتصارع تمرده على واقعه الأسود مع خوفه من التغيير… إلا أن السؤال الذي نطرحه اليوم: ماذا بقي للخسارة أكثر مما فقد؟ ألم يحن الوقت لرفع الصوت وسداد الحساب في صناديق الاقتراع لعل الخطر الذي يشعر به البعض يُعيد بعضاً من حقوق الناخب المهدورة؟