IMLebanon

مدينة «تدمر»

عام 1972 اتصل بي رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط المرحوم سليم بك سلام وطلب مني الاتصال بشركة الطيران السورية لكي يُصار الى الحصول على موافقة شركة طيران الشرق الأوسط M.E.A  لفتح خط طيران بين بيروت وتدمر.

لفت نظري هذا الطلب، وتساءلت لماذا هذا الإهتمام من رجل بمستوى وقيمة المرحوم سليم بك؟! طبعاً بعد الحديث معه في طلبه شرح لي أهمية مدينة تدمر السياحية ذات الشهرة العالمية المهمة جدا لافتاً الى أنّ الاوروبيين عموماً والأجانب من مختلف بلدان العالم والمهتمين بالسياحة يعتبرون أنّ تدمر مدينة تراثية تاريخية مهمة جداً… وهكذا فإنّ هذا الخط لو نجح تحقيقه في حينه لكان أعطى الــ M.E.A أرباحاً خيالية نظراً للأهمية السياحية والتي طبعاً لها مردود مالي كبير.

إنطلاقاً من ذلك قد يتوضّح لماذا احتلت مدينة تدمر من قِبَل تنظيم «داعش»، وبالتالي يجدر النظر الى الأهمية العالمية التي أعطت «داعش» إعلامياً وشهرة من خلال احتلال «تدمر» والأعمال الهمجية التي نفذها هذا التنظيم هناك… ولكن يبدو أنّ أكثرها إستعراضي، أي أنهم كانوا يريدون أن يلفتوا أنظار العالم إليهم…

والسؤال الكبير: إنّ المسافة بين مدينة الرقة وبين تدمر تبلغ 250 كيلومتراً، كلها صحراء ومكشوفة، فكيف استطاعت «داعش» أن تحتل تدمر وأن تقطع مسار 250 كيلومتراً في الصحراء المكشوفة لطيران «التحالف» وطيران النظام السوري من دون أن تتعرّض الى أي قصف؟! فعلاً هناك تساؤل كبير حول هذا اللغز الذي ليس له إلاّ تفسير واحد ألا وهو أنّ هناك اتفاقاً بين النظام العلوي وبين نظام «داعش»..

النقطة الثانية أيضاً وقد تحدثنا عن احتلال «داعش» لمدينة تدمر نرى أنّ نفس السيناريو جرى تركيبه لخروج قوات «داعش» من «تدمر» وانسحابهم كذلك في مسيرة طويلة 250 كيلومتراً الى الرقة وأيضاً من دون أن يتعرّضوا لأي قصف أو مواجهة؟!.

والجدير ذكره أيضاً أنّ قوات التحالف التي تقودها أميركا وتضم نحو 60 دولة، تزعم أنّ لديها هدفاً مشتركاً وهو القضاء على تنظيم «داعش»، فالسؤال أيضاً هو: أين كانت قوات وطائرات هذا التحالف عندما احتل تنظيم «داعش» تدمر؟ وأين كانوا عندما انسحب التنظيم؟ ولماذا لم يتعرّضوا له في الذهاب والإياب؟!.

والتفسير الوحيد لهذه المسرحية هو أنّ هناك إتفاقاً بين النظام السوري و»داعش»، وهو الذي خلقه، والقصة معروفة ابتداءً من أبو مصعب الزرقاوي… وهذه المسرحية قد تجلت في احتلال التنظيم لمدينة تدمر والإنسحاب منها بالاتفاق على التفاصيل كلها… وهذا الاتفاق يبدو أنه يشمل أيضاً التحالف الدولي العريض!