أخذت أزمة النفايات تتحول إلى عملية تصفية حسابات سياسية، يقوم بها أطراف يتلطّون وراء المطالب المشروعة التي يرفعها المجتمع المدني الذي نزل الى الشارع منذ ثلاثة أسابيع، معلناً إطلاق مبادرة تغيير لم تتّضح معالمها حتى الساعة. وفيما بدأت أكثر من جهة سياسية تبدي استياءاً واضحاً من بعض الفوضى التي تشوب الحراك المدني، ولا سيما في الأيام الماضية، نقلت مصادر قريبة من النائب وليد جنبلاط، أنه يشكّ في وقوف سياسيين وراء الحراك المدني من خلال تمويله بشكل غير بريء والعمل على ركوب موجة الإستياء من الأوضاع المتردّية لتحقيق غايات خاصة لا تلتقي بأي شكل مع تطلّعات الشباب الثائر على الظلم اللاحق بهم بسبب السياسات الرسمية المتّبعة منذ سنوات .
ويوحي التوجّه الأخير للحراك الذي تركّز في منطقة معينة، وكأنه موجّه ضد فريق سياسي معيّن، وذلك في خطوة بعيدة عن التعميم الذي كان يركّز عليه المعتصمون في شعاراتهم المرفوعة في الساحات، كما أضافت المصادر التي حذّرت من سيناريو خفي يهدف إلى «فَرط» ما تبقى من مؤسسات وإسقاط الدولة وزرع الفوضى في الشارع. وأوضحت أن وزير الزراعة أكرم شهيب، قد أعطى المجتمع المدني وخبراء البيئة والبلديات حقهم، وهو ما دفع النائب جنبلاط إلى طرح سؤال كبير حول هدف الحراك الفعلي، خاصة وأن الظروف السياسية المحلية والإقليمية، تساعد في حراك الشارع والتخريب وضرب المؤسّسات، لأن أي إخلال بالأمن سيؤدي إلى سقوط لبنان كله في المجهول.
وإذ أكدت المصادر نفسها أن النائب جنبلاط لا يريد الدخول في صراع مع المجتمع المدني الذي لم يعد لديه أي خطوط حمر في كشف المستور وفضح الطبقة السياسية، مدرك أن ما من خيمة فوق رأس أحد، حتى من بعض الحزبيين الإشتراكيين الذين تسلّموا وزارات خدماتية في السابق. ولذلك، فهو يقف عند حدود التحذير من تخطّي مستوى فتح الملفات، ويرفض الخوض في تفاصيل تؤدي إلى الكشف عن الجهات التي تدعم الحراك.
وفي سياق متصل، كشفت المصادر القريبة من جنبلاط نفسها، أنه مصرّ على أهمية استمرار الحوار والعمل على تهدئة التوتّر على الساحة السياسية، وهو يسعى حالياً إلى التخطيط للقيام بجولة عربية وغربية تشمل عواصم القرار المعنية بالوضع اللبناني، وذلك من أجل بحث الملف الرئاسي أولاً، والملف الدرزي في سوريا ثانياً، وموضوع النازحين السوريين في لبنان ثالثاً. وفي هذا الإطار، أبدت المصادر خشيتها من زيادة التعقيدات أمام مساعي زعيم المختارة الهادفة إلى ترتيب البيت الدرزي الداخلي في معظم قرى وبلدات الجبل، وذلك بسبب تكرار عمليات الإحتكاك والصدام بين قوى درزية في فريق 8 آذار، مع العلم أن الوزير السابق وئام وهاب قد أكد للمرجعيات الروحية في الجبل أنه، وعلى الرغم من اشتداد الخلاف السياسي مع النائب جنبلاط أو غيره من القوى السياسية، فإنه لن يسمح بأن يدخل محازبوه وأنصاره في أي إشكالات قد تحصل في الجبل، لأن وحدة الصف الدرزي هي خط أحمر.
من جهة أخرى، نقلت المصادر ذاتها، عن النائب جنبلاط، أن هواجسه اليوم باتت تتخطى الحدود اللبنانية إلى الواقع السوري، حيث بدأت تبرز مؤشّرات على تطوّرات دراماتيكية خطيرة، إذ توقّع حصول تصعيد ميداني كبير يدفع نحو زيادة معدّل النزوح والهجرة إلى خارج سوريا، مما يعني أن موضوع النازحين في لبنان سيبقى من دون أي أفق واضح.