Site icon IMLebanon

الحراك المدني له شروطه

لا حياة من دون حركة.

ولا مستقبل للبنان بلا طموحات.

ولذلك، فان البلد المأزوم في محنة.

ومحنة الوطن أنه محروم من أي حراك.

وأكبر كارثة ألمت به، أن الحراك الشعبي وقع في أزمة انكسار، أصابت جمهوره في الصميم.

كان لبنان في معاناة قاسية، بين جمهور آذاري فإذا به يصيبه شلل تشرين.

وبين آذار وتشرين صيف ثانٍ حيناً، وشتاء مفاجئ أحياناً، وموسم الامطار وموسم الحر شقيقان.

وبين الأشقاء حرب ضروس غالباً ما تكون حرباً متآخية ومتقاربة.

هل تبدّل الوضع، وراح كل فريق في طريقه؟

البلد لا يعيش الا بالحوار.

والوطن لا يستقر بغير التفاهم.

وبين الحوار والتفاهم أحقاد وأخبار ونقاش وصراع.

هل هذه هي مشكلة لبنان الآن؟

أم أن ثمة مشاكل عديدة، أبرزها وجود السلاح، والفلتان الأمني وسريان الانحرافات المستمرة، على معظم الصعد.

كان الدكتور جورج حنا يقول للمفكر حسيب غالب إن الشعر والأدب لا يلتقيان على الاصلاح، لكنهما يتآخيان لاضفاء لمعة على قالب أدبي أو سياسي جامد.

ويقول الشاعر الكبير كامل درويش قبل سفره الى الولايات المتحدة حيث أسلم روحه هناك في حمى أولاده والأحفاد، إن الحرية تنكفئ عن طريق الحق، عندما تصبح لحظات سائغة للمساءلة والمحاسبة.

وفي رأيه أن الحرية تكون مطلقة ولا تكون مقيدة، والا فإنها تفقد قيمها والأهداف.

وذات مرة كان الشاعر يغرد في كلية التربية والتعليم الاسلامية ولا يجد مندوحة من نقد من يسطو على الحرية، لأنها تخسر أهدافها والقيم.

من أجل ذلك، تلوذ الأفكار أحياناً في الهذيان.

لماذا الحرب الآن على الحراك الشعبي.

والجواب، ان للحراك مبادئ وأفكاراً وخلقاً. لكنه عندما يفقد الثلاثة معاً، لا يعود سوى كليشه جامدة.

والحرية ليست شيئا جامداً، بل مبادئ حرّة.

والحرية، ليست ان ترمي شرطياً بالحجارة.

والقانون ليس عبارة عن شرائع مستمدّة من الانضباط المرصوف بالهراوات.

كما ان الحرية ليست خَلْع الثياب، وقذف القوى الأمنية بالحجارة.

ربما، يكون الأمران متعاكسين معنى ومفهوماً، وإلاّ لماذا تساق هذه العيوب على الشباب والآنسات!

لا بد من اعادة نظر شاملة. في الحراك، وفي التحرّك، وفي المفاهيم الشائعة أو السائدة.

كان حرياً بأن يكون الحراك المدني، انتفاضة على الجمود.

لكن الانتفاضة غابت، على حين غرّة، أصيبت ببعض من خيبات الأمل.

الحراك المدني بدّو اعادة نظر.

ويحتاج الى اعادة تقويم وتهذيب، في بعض مناحيه.

كان الشهيد نسيب المتني صاحب التلغراف في العام ١٩٥٧، يقول للأديب الأب مطانيوس منعم، إن الحرية تموت في مهدها، اذا ما فقدت أصالتها والرأي والرأي الآخر.