Site icon IMLebanon

المجتمع المدني…إلى العمل دُر

يعيش الاقتصاد اللبناني على أنغام الأحداث السياسية خصوصاً الشغور الرئاسي الذي يُعطّل القرار الاقتصادي والإنمائي. هذا التعطيل الذي يطال ملفات حيوية للمواطن كملف النفايات المُرجّح أن يعود إلى الواجهة وملف المياه التي قد نفتقدها هذا الصيف، تُلزم المُجتمع المدني بالتحرك في ظل عجز السلطة المركزية عن أخذ القرارات.

في صيف العام الماضي قام المُجتمع المدني بحركة إحتجاج واسعة كانت بوادرها بشرى خير للبنانيين. لكن هذه الحركة ما لبثت أن تعثرت تحت تأثير التدخلات السياسية الداخلية والخارجية وخروج مطالب هذه الحركة عن المطالب الاجتماعية المُحقّة وتعلقّها بمطالب سياسية كانت لتكون كارثية لو تمّت تلبيتها كمطلب إستقالة الحكومة في ظل شغور رئاسي وإستحالة تشكيل حكومة جديدة.

أخذ الوضع الاقتصادي والإجتماعي منذ ذلك الوقت بالتراجع مع ظهور ملفات خلافية تُعكّر سيرّ العمل في الحكومة على مثال ملف أمن الدولة الذي من المُرجّح في ظل غياب أي حلّ في الأفق أن تكون تداعياته كارثية على القرار الحكومي وإجتماعات مجلس الوزراء.

في ظل هذه الظروف يبقى القول أن الملفات الاجتماعية والإقتصادية التي تحتاج إلى قرارات أساسية كملف النفايات بدون أي معالجة مع تخاذّل الفرقاء السياسيين والامتناع عن التخلّي عن المصالح الشخصية لصالح المصلحة العامة.

كل هذا يحصل في ظل تفشّي الفساد القاتل والمُدمّر لكل أسس الدولة اللبنانية ومؤسساتها الدستورية بما يفرض تدخل المُجتمع المدني كي لا تتحول أزمة النفايات إلى كارثة صحية تطال المواطن في الدرجة الأولى. لكن وللأسف نرى أن المُجتمع المدني لا يقوم بأي ردة فعل جدية على هذا الصعيد وهذا يُذكرني برواية «الضفدع المغلي».

هذه الرواية تتحدث عن تجربة على ضفدع تمّ وضعه في مياه حارة، فما كان منه إلا أن قفز من الماء بشكل شبه تلقائي. لكن عندما تمّ وضع الضفدع في مياه باردة لم يحرك ساكناً، والمُلفت أكثر في الرواية أنه عندما تمّ تسخين الماء الموجود فيها الضفدع لم يقفز وبقي في المياه حتى عندما وصلت الحرارة إلى حرارة المياه التي قفز منها في التجربة الأولى.

وبالتالي فإن مصير هذا الضفدع هو الموت المحتمّ لأنه بكل بساطة لم يستشعر الخطر المُحدق به! كل هذا للقول أن التغيرات السلبية والهامة التي تحدث ببطء وبشكل غير خفي لا تدفع الناس إلى التحرك ليكون المصير في النهاية مصيرا سيئا.

نعم على المجتمع المدني أن ينتبه إلى هذه الظاهرة والتي يعيشها اليوم الشعب اللبناني الذي من المفروض عليه أن يتحرك بشكل سلمي لفرض تغيير يتناسب مع الحقوق الإنسانية والأخلاقية. ولا يجب نسيان أن الشعب هو مصدر كل السلطات في الأنظمة الديمقراطية، فلماذا لا يُمارس هذا الحق تفادياً للمصير الأسود الذي ينتظره في ظل الفساد الذي تعيشه اليوم؟

المطلب الرئيسي للمجتمع المدني يجب أن يكون قبل كل شيء المُطالبة بإنتخاب رئيس للجمهورية لأن هذا الإنتخاب هو الباب الوحيد لأي حلّ على الصعيد السياسي والإجتماعي. فإنتخاب رئيس للجمهورية يفتح الباب أمام تغيير حكومي وتشكيل حكومة تكنوقراط مهمتها الأساسية وشبه الوحيدة العمل على النهوض الاقتصادي والإجتماعي في لبنان.

كما أن إنتخاب رئيس للجمهورية سيكون مدخلاً لإنتخابات نيابية خصوصاً أن الانتخابات البلدية حصلت، وبالتالي فإن عذر الوضع الأمني الذي على أساسه ردّ المجلس الدستوري الطعن بالتمديد لم يعد قائماً. أضف إلى ذلك أن الفشل في إيجاد صيغة لقانون الانتخابات النيابية يفرض وجود حكم وسطي لا ينتمي إلى أي محور وتكون كلمته لخير كل اللبنانيين.

يؤدي غياب رئيس للجمهورية الى تعطيل تنفيذ أي خطة إقتصادية بحكم أن الخلافات الحادة بين الأطراف السياسية تمنع تطبيق الخطة بما فيه خير الاقتصاد اللبناني وبالتالي، فإن أي حلّ يمرّ عبر المقايضة على بنود الخطة مما يُفقدها زخمها. وهذا ينطبق على مشاريع قوانين مثل قانون محاربة الفساد، يُمكن لرئيس الجمهورية فرض درسها على مجلس النواب؟

والله أعلم الكوارث التي يُسببها الفساد على الاقتصاد اللبناني وعلى المالية العامة. نعم كل هذا مُرتبط بإنتخاب رئيس للجمهورية، ومع الوقت أصبح المجتمع اللبناني يتناسى أن هذا المنصب في حال شغور منذ ثلاثة أعوام وأن كل الكوارث التي تحلّ بنا هي نتيجة هذا الفراغ.

إن بعض الأفرقاء السياسيين يربطون عن غير وجه حق الإستحقاق الرئاسي في لبنان بالمعطيات الإقليمية. وهذا يعني أن لبنان سيبقى في وضعه الحالي حتى إنفراج الأزمة السورية وبالتالي سيبقى الوضع الاقتصادي والمالي في لبنان على حاله.

وهنا أستنجد برواية الضفدع المغلي والذي يعني أن المواطن اللبناني أصبح مثل الضفدع الذي رُمي في مياه باردة أخذ البعض بتسخينها وبالتالي، فان غياب ردة الفعل من قبل المواطن اللبناني يعني أن مصيره الهلاك!

نعم أيها المواطن اللبناني، حان الوقت لكي تستفيق من الغيبوبة لأن الوضع الحالي خطر ولا يظنن أحد أن الأوضاع مُمكن أن تتحسن بإستمرار الشغور الرئاسي. لذا إلى العمل درّ وقاوم على طريقة الفيلسوف جيني شارب في نظريته عن القوة الذكية من خلال اللا عنف في كتابه الشهير «من الدكتاتورية إلى الديموقراطية».