نرانا مضطرين أن نكرّر كلامنا الذي ما زلنا نردده منذ حرب السنتين المشؤومة التي استمرت تسعة عشر عاماً، وهو: «الحروب يُعرَف كيف تبتدئ، ولكن يتعذر معرفة كيف تنتهي»، فتلك الحرب انطلقت بين طرفين لبناني وفلسطيني وتناسلت سلسلةً من الحروب، حتى وصلت الى حروب الأزقة والزواريب بين أبناء الطيف الواحد!
الحرب الحالية بدأت حرب إسناد ومشاغلة على طريق القدس (كما أعلن سماحة الشهيد الكبير السيد حسن نصرالله) وأصبحت، اليوم، حرب الدفاع عن لبنان (كما أعلن الشيخ نعيم قاسم)… فماذا تُخبّئ الأيام والاسابيع والأشهر الآتية ؟
نود أن نعترف بأننا نُقيم على تخوف من التقلبات لا سيما بعدما أخذنا نلاحظ أن ضغط العدو الإسرائيلي يبدو مخطَّطاً ذا أبعاد عدة قد يكون الاقتتال اللبناني الداخلي أحد أبرز أهدافه. فهل هي مجرّد «زلة لسان» أن يعلن وزير الدفاع الفرنسي، قبل أيام، خشيته من أن لبنان مقبل على حرب أهلية ما لم يتوقف إطلاق النار سريعاً؟ وهل هو كلام في الهواء التحذير بالغ الخطورة الذي طلع به وزير الخارجية عبدالله بو حبيب من مدينة برشلونة، في إسبانيا، خلال تمثيله لبنان في الدورة التاسعة لأعمال «الاتحاد من أجل البحر الأبيض المتوسط» إذ قال: «إن أكثر ما يقلقنا، اليوم، في لبنان هو الفتنة الداخلية نتيجة توسع الاحتكاكات بين النازحين اللبنانيين وسكان المناطق التي نزحوا إليها، وإذا لم تتوقف الحرب فوراً فإن النزوح يمكن أن يؤدّي الى تفجير الأوضاع وحدوث صدامات مجتمعية وهجرة كبيرة»!(…).
ولسنا في موقع كما أننا لسنا على رغبة في أن نشكّك في صدق طوايا الجانب الفرنسي الذي يسعى للتخفيف عن لبنان في هذه المحنة، ولا في مجال المزايدة على الوزير بوحبيب، فقط نود أن نحذّر ونقول إن المشاهدات اليومية، وركوب الرؤوس من هنا وهناك، والعنجهيات المرفوضة الخ… قد تؤدي الى نتائج كارثية، في وقت يعمل العدو الإسرائيلي على تغطية فشله (باستثناء جرائم الإبادة وإرهاب الدولة) بالدفع الى حرب أهلية في لبنان. وكي لا نتّهم بالمبالغة في كلامنا على فشله، نورد في ختام هذا الكلام اقتباسَين من مصدرَين إعلاميين بارزين إسرائيليَّين: أولهما صحيفة «جيروزاليم بوست» التي كتبت: «إن العملية على لبنان، بعد شهر، ارتدت آثاراً وخيمة، والضربات ضد قيادة حزب الله لم تفلح في تحقيق أهدافها، إذ لا تزال قيادة الحزب متماسكة وقادرة على تنفيذ العمليات الفاعلة…». والقناة 12 في التلفزيون الإسرائيلي تحدثت عن «عجز نتنياهو عن تحقيق أهدافه، فقبل شهر من الآن كان مطار بن غوريون يعمل طبيعياً أما الآن فقد تقرر إقفاله أمام رحلات الطيران الدولية خمسة أشهر» (من تشرين الثاني 2024 الى آذار 2025).
أما نحن، على صعيد شخصي، وبالرغم من القلق المبرَّر، فما زلنا نؤمن بأن الحرب الأهلية ليست قدَر اللبنانيين.