IMLebanon

جهوزيّة الحرب الأهليّة  

هوامش – بقلم ميرفت سيوفي-

 

لم يسفر اختيار تاريخ النكسة 6 حزيران إلا عن نكسة مع فوارق الزمان والمكان، وما بعد يوم السبت 6 حزيران ليس كما قبله، على الأقلّ أخذ الجميع علماً وخبراً أنّ اصطناع اندلاع ثورة ليس لعباً وعبثاً وبثّ أحاديث التشكّي من الأوضاع القاسية التي يعيشونها اللبنانيّون، وعلى الّذين يجدون أنّ الحلّ في وجه الوضع السياسي المعقد هو في ثورة تجرف الطبقة الحاكمة وتغير الواقع اللبناني أن يفكّروا مئات المرّات قبل أن يتورّطوا في جهنّم هذا النّوع من اللُّعَب، فشل الّذين سعوْا لافتعال مشهد اندلاع الثورة الثانية في حساباتهم التي كادت أن تأخذنا إلى حرب أهليّة أو إلى 7 أيّار على الأقل، وخابت حساباتهم في استدراج النّاس إلى الشّارع خيبة كبرى!

 

وما بعد 6 حزيران لن يكون كما قبله لأنّ جميع المنخرطين في اللعبة السياسيّة يعرفون حدود اللعبة، وما هو مسموح وما هو ممنوع، ويوم السّبت خيطان اللعبة أفلتت من يدِ الجميع وأكبر دليل على ذلك إلغاء تظاهرة الأمس عند السفارة الأميركيّة في عوكر، ومسارعة بيانات الاستنكار ودرء الفتنة للملمة الوضع بعدما شعر المعنيّون أنّهم وقعوا في شرّ أفعال «زعرانهم» الّذين يصدّرونهم كلّما حاول اللبنانيّون فتح فمهم اعتراضاً على وضعٍ حياتي أو معيشي، فيسارعون إلى التخوين وكيل الاتهامات والتهديد بعظائم الأمور!

 

يُدرك اللبنانيّون جميعاً أنّ ما يقع على رأس لبنان وشعبه سببه سلاح حزب الله وأجندته الإيرانيّة، وأنّ المعاناة الكبيرة التي يعيشونا ويدفعون فيها أثماناً باهظة سببها سلاح حزب الله، وعلى حزب الله أن يُدرك أنّ لحظة خروج اللبنانيين كالسّيل في ثورة عارمة ضدّ سلاحه آتية لا محالة، وأنّ عبث تخويفه للبنانيين تحت عنوان «شيعة شيعة» ستدفع ثمنه الطائفة الشيعيّة لأنّه صراخ همجي لا يخيف أحداً، نعم؛ حزب الله يدرك أنّ هذه اللّحظة آتية، وهو مصابٌ بالذّعر منها وهذا الذّعر يفقده توازنه، وللمناسبة على حزب الله أن يتذكّر في هذه الأيّام نهاية منظمة التحرير الفلسطينية وخروجها من بيروت ذليلة، وأنّ لكلّ متسلّط جبّار نهاية مهما بلغت ترسانة سلاحه وصواريخه وتحكّمه في مصير وطن وشعب، هذه النّهاية عبرة، وعلى هذه الشّاكلة ستكون نهاية حزب الله وسلاحه، وهذه لحظة آتية لا محالة…

 

لن تغيّر أحداث السبت الماضي مصير مواجهة لبنان الاقتصاديّة والماليّة، ولا من حقيقة أنّ البلد يلفظ أنفاسه في انتظار من يمدّه بشهور عمر إضافيّة، ولا يزال الحصول على هذه المساعدة متعذّراً، ولا يزال السياسيّون اللبنانيّون يستحقّون الضرب بالأحذية لأنّهم لا يزالون يستثمرون الأحداث كلّ لمصلحته متجاهلين أنّ البلد لم يعد يحتمل هذه الممارسات الدنيئة !!

 

ما بعد 6 حزيران ليس كما قبله أبداً، البلد في كامل جهوزيته لحروبٍ أهليّة متعدّدة، والأرضيّة مهيّأة لها وبشدّة، بيانات الشّجب والاستنكار لن تمحو الجروح النفسيّة التي طاولت اللبنانيين بسبب إهانة مقدّساتهم الدينيّة، والبلد جاهز جديّاً للفدرلة وخيارات الصّيغ التقسيميّة، وحزب الله وسياساته وأجنداته هي التي أوصلت كثير من اللبنانيين إلى استحالة استمرار العيش المشترك مع فريق يصرّ على ربط مصير البلد بمصير إيران ومصالحها، حتى الّذين يصنّفون بأنهم حرصاء على العيش المشترك ولبنان الرسالة، بدأوا يفكّرون بأن العيش المشترك يحتاج إلى طرفين، وأنّ سلوك وممارسات حزب الله تؤكّد أنّه غير معني بهذا العيش المشترك، فيختصرون حالهم معه بجملة «بلاه وبلا عيشتو»!!