بدأت قرقعة السلاح تُسمع بشكل واضح هذه الفترة ضمن المناطق والقرى المحاذية للحدود السورية. تحضيرات عسكرية على قدم وساق يُجريها «حزب الله» هدفها إنهاء حالة وجود المسلحين في الجرود بالتزامن مع المعركة القاسية والشرسة التي يخوضها حلف «الممانعة» في محافظة درعا والقنيطرة والتي يتكبّد فيها هذا الحلف خسائر كبيرة في الأرواح من دون أن تُسفر حتى الآن عن غلبة فريق على آخر على الأرض في هذه المناطق.
يسعى «حزب الله» إلى قطع أوصال المناطق التي تستخدمها المعارضة السورية لتمرير السلاح والدعم البشري، من خلال محاصرتها ضمن مناطق تمهيداً للإجهاز عليها، ولهذا الغرض تكفّل الحزب منذ أسبوعين مع حلفائه من الحرس الثوري الإيراني وجماعات أفغانية مقاتلة إضافة إلى ألوية عراقية، بالانتشار في العديد من البلدات التي تسلكها الجماعات المسلحة للوصول إلى الحدود اللبنانية، علماً أن تلك البلدات كانت تُسيطر عليها ألوية من جيش النظام السوري قبل أن يُتهم ضُبّاط وعناصر بتسهيل عبور المسلحين، ولتجري لاحقاً عمليات إعدام ميدانية بحق عدد كبير وفرار بعضهم.
يستعجل «حزب الله» اليوم أكثر من أي وقت مضى لتحرير الجرود اللبنانية حيث تتواجد فصائل المعارضة السورية على طول خط تبلغ مساحته حوالى سبعة كيلومترات من أصل خمسين كيلومتراً هي مجمل مساحة الحدود، والاستعجال هذا أكده الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير عندما دعا إلى «استغلال الطقس الحالي قبل حلول فصل الربيع»، خصوصاً أن خريطة الحزب العسكرية لا تكتمل، وتبقى منقوصة ومعرّضة للخطر الدائم، إلا من خلال القضاء على المجموعات المسلحة في الجرود لما تُمثله من خطر على وجوده وبيئته.
عشرة آلاف مقاتل وربما أكثر هو مجموع عناصر الحلف «الممانع» الذي يخوض بهم معركة تحرير القنيطرة ودرعا وريف حلب. دور «حزب الله» في هذه المعركة التي يعتبرها مصيرية أساسي ولهذا زجّ فيها أكثر من ثلاثة آلاف عنصر من «القوّات الخاصة» يمثلون العمود الفقري ضمن المناطق التي أشعل نيران الحرب فيها منذ شهر تقريباً.
أعداد من مقاتلي الحزب داخل البلدات والقرى البقاعية المحسوبة عليه «إداريّاً» ومذهبيّاً تم وضعها في أجواء المعركة منذ فترة وجيزة، وقد سرت أخبار يوم أمس تقول إن قيادة الحزب أصدرت توجيهاً خاصّاً إلى هؤلاء وتحديداً في منطقة البقاع الهرمل طلب منهم ضرورة التحضير للدفاع عن قراهم من خلال وجود معلومات تفيد عن تحضيرات عسكرية كبرى لدى «الجيش السوري الحر» جبهة «النصرة» و»داعش» للقيام بهجوم على عدد من المناطق التابعة للحزب انطلاقاً من الجرود عبر عرسال وصولاً الى رأس بعلبك والقاع، كما تمت دعوة عدد كبير من الشبّان البقاعيين الى الالتحاق بمراكز التدريب التابعة لـ»حزب الله« تحضيراً للأيام المقبلة.
أهالي هذه القرى لا ينفون دعوة «حزب الله» لهم.. ولا يؤكدونها، لكنهم يجزمون بأنهم تحت الخطر. هم بغالبيتهم لا يُريدون الحرب، لكنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال حصول أي اعتداء ضدهم. خريطة عسكرية يحملها أحد كوادر الحزب يشرح بموجبها الطرق التي تسلكها الجماعات المسلحة للوصول إلى الجرود ليشرح التالي: من الرّقة الى منطقة خناصر ثم طريق السلمية في حماة وصولاً الى بلدة سكرة في حمص ليسلكوا بعدها بلدة صدد التي تؤدي إلى جرود واسعة عند أطراف بلدة دير عطية التي تقع بين جبال القلمون وسلسلة جبال لبنان الشرقية. إضافة إلى سلوكهم الحدود العراقية – السورية ثم معبر البوكمال الى البادية السورية على أطراف تدمر وصولاً الى درعا في محافظة حوران فعدرا العمالية مروراً بداريّا المنقسمة بين النظام و»داعش» ومنها الى وادي بردى في دمشق وصولاً الى سلسلة لبنان الشرقية«.
قرقعة السلاح تلك يصل صداها إلى بلدة عرسال الخائفة على مصير أبنائها من النزوح مرّة جديدة بعد النزوح الأول إثر دخول الجماعات المسلحة اليها يوم اختطاف العسكريين اللبنانيين. يتخوّف «العراسلة» من هجوم باتجاه الجرود انطلاقاً من بلدتهم، فهذا المخطط برأيهم إن حصل سيكلفهم غالياً تماماً كما فعل المسلحون عندما ارتكبوا مجزرة بحق عدد من أبناء عرسال كان أولهم الشهيد كمال عزالدين الذي أُعدم أمام مركز البلدية بعد محاولته منعهم من سحب العسكريين باتجاه الجرود.