قال: قد لا أبالغ كثيراً إذا ادعيتُ أنني بتُّ أعرف، منذ اليوم، معظم نواب مجلسكم النيابي الآتي.
استغربتُ هذه «المعرفة» المسبقة. فمحدّثي غير معروف عنه أنه يقرأ في الغيب، وليس من المتمرّسين في ضرب الرمل وقراءة الكف و«التبصير» في فنجان القهوة. ولا هو من الخبراء في الشأن اللبناني. والى ذلك هو على رصانة في الكلام، فلا يلقيه على عواهنه.
انتدبته حكومته ليمثل بلده في لبنان منذ أشهر قليلة هي، بالتأكيد، غير كافية ليلمّ بالخريطة السياسية اللبنانية ناهيك بأسرار الإنتخابات وخفاياها. أضف الى ذلك أننا في «رعاية» قانون إنتخابي جديد قد يكون من الصعب التكهن سلفاً بنتائجه.
وعندما فاتحته بما ذكرته أعلاه، ابتسم وقال: صحيح أنني لست بعد ذا خبرة عريقة في أموركم السياسية ولا الإنتخابية بالتأكيد، ولكنني بنيت قولي على كثرة «النقّ». فقد علّمتني التجربة أنّ معظم «النقّاقين»من أي قانون إنتخابي جديد ينطلقون من شعورهم بالخسارة الآتية، أو توقعهم هذه الخسارة.
وأضاف: إن الإتهامات المساقة من دون توقّف، التي نقرأها في صحفكم من قبل مرشحين وحتى من لوائح بكامل أعضائها، أو نشاهدهم يدلون بها من على شاشات التلفزة، إنما هي محاولة لحفظ ماء الوجه، منذ ما قبل إجراء العمليات الإنتخابية، وتداركاً لما ستشي به صناديق الإقتراع. لقد تابعتُ مرشحين كانوا موعودين بدخول هذه اللائحة القوية أو تلك، فكانوا إما يمتدحون القانون الجديد أو لا يتناولونه على الإطلاق. أمّا وقد فاتهم قطار اللوائح الوازنة فقد راحوا يرمون القانون بكل فرية، ويقولون فيه ما لم يقله مالك في الخمرة، على حدّ تعبيركم الشائع. وأنا أوّد أن أستثني من هذا التصنيف المرشحين والإعلاميين الذين كانوا قد اعترضوا على القانون منذ اليوم الأوّل لإقراره.
ثم ذكر الرجل أسماء بضعة مرشحين من «أوزان» مختلفة تبدّلت مواقفهم من القانون تبدلاً جذرياً (…) قبل أن يقول: أكثر ما فاجأني الإتهام بإنفاق الأموال… المال الإنتخابي غير القانوني. وأنا لست في موقع من يؤكد أو ينفي صحة تلك الإتهامات أقلّه لأنني لست على إطلاع أو معرفة بمضمونها، فقط أردت أن أقول: لو حصل مثل هذا في بلدي لكانت عشرات الملفات قد أعدّت لتقديمها الى القضاء المختص لإثبات صحّة الإتهامات أو لمقاضاة مطلقيها ومروِّجي الشائعات في شأنها… وفي بلدي كثيراً ما تصدر الأحكام مشدّدة في حال عدم القدرة على إثبات التهمة.
وقلت خاتماً: أظنك تعرفُ أنّنا، يا صديقي، لسنا في بلدكم.
وعقّب ممازحاً: لم تقل لي كيف إكتشفت أننا لسنا في بلدي!