Site icon IMLebanon

حلّوا عن رجال الدين  

 

 

لفتني البارحة بيان صدر عن المكتب الإعلامي في دار الفتوى الإسلامية يقول: أي موقف لا يصدر عن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبدالطيف دريان أو عن مكتبه الإعلامي لا يعبّر عن رأيه.

 

وقد نفى المكتب أيضاً جملة وتفصيلاً ما نسب من كلام الى المفتي دريان في إحدى الصحف.

 

يبدو ان هناك إصراراً لا أعرف من يقف وراءه، يحاول أن يُقْحم رجال الدين في السياسة المحلية. طبعاً الهدف إثارة النعرات الطائفية. وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرّض فيها المفتي دريان الى هكذا مؤامرات، الهدف منها كما قلنا: زجّ الطائفة السنّية بأتون السياسة وإثارة النعرات الطائفية، خيراً فعل سماحته بالبيان الذي صدر لكي لا يفتح أي مجال للأخذ والرد، وهكذا حسمت الأمور.

 

وكما يتعرّض سماحته لبعض الإنتقادات الظالمة بسبب عدم رغبته بالدخول في معارك طائفية لن يكون إلاّ الخراب والدمار والقتل من نتائجها. وهذا ما لا يقبل به ولا يريده كل إنسان وطني.

 

كذلك الحملة الظالمة التي تعرّض لها غبطة البطريرك بشارة الراعي حين أخذ يطالب أن يكون لبنان حيادياً وأنّ مصلحة كل اللبنانيين أن يكون حيادياً لأنّ المجتمع والاقتصاد اللبناني لا يتحمّل أن يكون مع طرف ضد طرف آخر، وهذا ليس ضد أحد، بل إنّ مصلحة المواطن اللبناني الحقيقية أن يكون لبنان حيادياً، وهذا ما قاله الإمام المغيّب موسى الصدر يوم قال: «القدس هي عقدة الصراع، ولكن على لبنان أن يكون حيادياً، إلاّ ضد إسرائيل، لأنّ القدس قبلتنا ومن ثم يجب أن نضع مصلحة لبنان فوق أي اعتبار».

 

كذلك الكلام الفارغ والإتهام الذي وجهته إحدى محطات التلفزة الايرانية، والتي اتهمت من خلاله البطريرك باتهامات خطيرة، وخوّنته. وهذا طبعاً بعيد عن الحقيقة، وغير مقبول ولا نزال ننتظر أن يوجّه اعتذارٌ رسمي من الدولة الايرانية، حيث ان هناك وعوداً بتقديم الإعتذار.

 

كلام البطريرك جاء نتيجة قناعات الشعب الذي يستقبله البطريرك يومياً، فالذين يأتون إليه ويشكون من حالة الضيق والعوز، إذ ان عدداً كبيراً من اللبنانيين تحت خط الفقر، والديون التي تجمّعت على الدولة سببها سياسي، فكيف نطلب من رعايا الخليج أن يأتوا للسياحة في لبنان وكل أسبوع يطل السيّد حسن نصرالله، ويهدّد ويتوعّد ويقول: الموت لآل سعود، ويتهجّم على دول الخليج، ويريد أن نكون مع أهل اليمن حيث يرسل الخبراء والمقاتلين من «الحزب العظيم» الذين يساعدون الحوثيين ويعلموهم إطلاق الصواريخ وتصنيعها.. والأنكى من ذلك التدخل في سوريا حيث أصبحنا على عداوة مع الشعب السوري. وهناك سؤال بسيط لماذا نقتل الشعب السوري كي يبقى الرئيس بشار على كرسي الرئاسة؟ وما مصلحة لبنان في ذلك؟ تدخلات «الحزب العظيم» في تنفيذ أوامر وأجندة إيرانية صارت مكشوفة وعلنية أمام العالم. فالسؤال: هل هذا يصب في مصلحة اللبنانيين؟ ولو نظرنا الى الاقتصاد وإلى الإنهيار في سعر صرف الليرة الذي حافظ على سعر ثابت طيلة 28 سنة بالرغم مما تعرّض له لبنان من حروب مع إسرائيل، وتعطيل في انتخاب رئيس للجمهورية لمدة سنة ونصف السنة مرة، ومرّة أخرى لمدة عامين ونصف العام من أجل انتخاب الرئيس ميشال عون الذي فرضه «الحزب العظيم». كما تمّ تعطيل سنة كاملة لتشكيل حكومة وهذا تكرّر مرات ومرات.

 

لقد أعلنها مفتي الجمهورية صراحة بالأمس معبراً عن الموقف الوطني الجامع إذ قال: موقفنا واضح وصريح وقاطع، ونؤكد ما أكد وأجمع عليه أصحاب السماحة والغبطة والسيادة، رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في بيانهم الجامع، حول ما آلت إليه الأوضاع المأساوية في لبنان، على التمسّك بلبنان الواحد، أرضاً وشعباً ومؤسّسات، والولاء للوطن اللبناني والدولة، والعيش المشترك الإسلامي – المسيحي، والنأي به عن الصراعات الخارجية والحسابات الشخصية، والطموحات القاتلة، والحفاظ على السلم الأهلي الداخلي، وتطبيق الطائف نصاً وروحاً، والإسراع في تشكيل حكومة مهمة تعالج مشاكل لبنان الاقتصادية والمعيشية، وتنقذه من حالة الإنهيار والضياع، وتعيده إلى حالة الأمن والسلام الداخلي.

 

إنّ كل هذا الخراب والتعطيل سببه أنّ لبنان أصبح طرفاً في كثير من القضايا في العالم، بينما مصلحة لبنان التي يجب أن تكون فوق كل المصالح، هي في أن يكون لبنان حيادياً.

 

والسؤال الآن لو كنا حياديين فهل كان الدولار يصل الى عشرة آلاف ليرة والله أعلم الى اي حدود سيبلغ؟

 

هذا الذي يحذر منه البطريرك والمفتي. فهل المطلوب من رجال الدين مشاركة أهل السياسة والأحزاب في تدمير لبنان؟