Site icon IMLebanon

«مناخ» الميدان!

تُتمّم اجتماعات فيينا «مناخ» لقاء موسكو بين بوتين والأسد.. والأمران وليدا حركة الميدان السوري بعد نحو أربعة أسابيع على انطلاقة «عاصفة السوخوي».

ما كان لقاء موسكو (الغريب!) أن يحصل لو أن «اللقاء» الموعود بين القصف الروسي وحركة قوات المحور الأسدي الإيراني، قد تمّ بالفعل في أزمنته وأمكنته المقررة. أي (للتذكير) في جسر الشغور ودير الزور وسهل الغاب وأدلب.

الواقع الميداني الراهن المعروف والواضح أمام الملأ يقول، بأن خرائط القتال لم تشهد أي تغييرات جدّية. وان كل الضخ التشبيحي الذي رافق إطلاق الغارات الروسية، لم يُترجم على الأرض في أي نقطة مركزية أو استراتيجية. بل تبيّن أكثر من ذلك، ان المعارضة المسلحة خففت من شرذمتها الى حدّ بعيد، وأتمت في الأسابيع الثلاثة الماضية سلسلة اندماجات كانت عجزت عن إتمامها على مدى السنوات الثلاث الماضيات. وعرفت في الإجمال، كيف تواكب الهجوم عليها وتستوعبه وتلحق بأصحابه خسائر فعلية. وساعدها على ذلك، فتح المخازن التي كانت مقفلة في وجهها وحصولها على أسلحة نوعية وملائمة تماماً لمعالجة التفوق اللوجستي المضاد!

لو حصل العكس، ما كانت مناخات موسكو وفيينا تسووية الى هذا الحد. وما كان الرئيس الروسي مستعجلاً بالقدر الذي يبدو عليه للانتقال الى المرحلة الثانية.. التي قيل عنها قبل أربعة أسابيع، انها تحتاج الى نحو ثلاثة أشهر كي تبدأ. وهي الفترة، التي قدّرت القيادة الروسية، انها كافية لتمهيد الطريق للذهاب نحو «تسوية» من موقع قوة، أي، بعد اتمام استرجاع مناطق الشمال الحسّاسة جغرافيًّا من أيدي المعارضة.

لم تنتهِ المعركة في كل حال، لكن بداياتها تحدّد نهاياتها. ومجدّداً يقال في هذا، إن الضخّ الأسدي والإيراني، كان أكبر من عدّة ذلك المحور: من عَجِزَ عن إسقاط الزبداني المحاصرة والممتدة على مساحة جغرافية متواضعة جداً، وبعد مئة يوم من القصف الهستيري، بالطيران والصواريخ والمدفعية والدبابات والهجمات المتتالية على الأرض، لن يكون قادراً على ترجمة إدعاءاته المتعلقة باسترجاع مناطق تقارب مساحتها ثلث سوريا!

الأمر الموازي لذلك، هو أن السعودية وتركيا وقطر، لم تبدِ أي تراخٍ في المواقف المبدئية من السلطة الأسدية وحتمية إتمام إجراءات دفنها! وأبدت على العكس من ذلك، إصراراً على متابعة دعم الشعب السوري الى آخر المطاف. بل أرسلت ما يكفي من إشارات واضحة (حتى) الى رفضها أي تركيبة معاكسة «قد» تكون طُبخت مع الادارة الأميركية! قبل أن يتبيّن، أن واشنطن بدورها، ليست في وارد القبول بأي مُستجد ميداني سياسي يُفرض بقوة موسكو!

لم يمطر هذا المناخ، مثلما تبيّن في فيينا بالأمس، نتيجة سياسية سريعة، لكنه أمطر تبخّراً لوهم «الحسم العسكري» من جانب «المحور المستقوي بـ»السوخوي»، مثلما أمطر تبخراً للوهم الموازي، بالقدرة على فرض «تسوية» لمصلحة الأسد ولو لفترة انتقالية محدّدة!

طبيعي تالياً الافتراض، بأن الفترة المقبلة ستشهد تصعيداً اضافيًّا في المواجهات القتالية، وسيسعى كل طرف الى تحسين شروطه وأوراقه وتحصين مواقعه، لكن ذلك في جملته، لن يغيّر المسار العام لهذه النكبة.. مسار البحث عن سوريا ما بعد الأسد، وليس معه أو مع بقايا سلطته.