الأبواب، كلها، مغلقة. لا حلّ ملموساً ولا كوة نور في النفق المظلم. هذه هي الحقيقة: مالياً، حياتياً، حكومياً و … ثورةً!
إنها سلسلة دوّامة داخل دوّامة كبرى اسمها: شفير الانهيار. والبعض «يتهمنا» رغم ذلك، بأننا كبيرو التفاؤل عندما نقول «شفير الانهيار» لأننا في صلب الانهيار وعمقه، على ما يقول هذا البعض.
فالوضع الحكومي صورته قاتمة جداً. فالمرشح (حكماً) الأوحد، الرئيس سعد الحريري، لم يقل بعد إنه مرشح وكتلته النيابية الكبيرة لم ترشحه بعد. ولا تياره رشحه. حتى أنّ موعد الاستشارات المرجأ من يوم الاثنين الماضي الى يوم الاثنين المقبل لا يستطيع أحدّ أن يجزم ما اذا كان سيبقى ثابتاً أو أنه مرشّح لإرجاء آخر. الى ذلك فإنّ أحداً لا يستطيع أن يجزم ما اذا كانت الحكومة ستشكل في المستقبل المنظور، حتى لو أُجريت الاستشارات وتمّ تكليف الشخصية التي ستؤلف الحكومة، وثمة إجماع على أنّ لبنان ليس على موعد قريب، ولا متوسط، مع انتهاء دور حكومة تصريف الأعمال وانطلاقة مسار حكومة تنال ثقة مجلس النواب.
أمّا العلاقة مع المصارف فالعجب العجاب: كان مسموحاً للمودع أن يسحب ألف دولار أسبوعياً، فتقلص المبلغ الى النصف. لكي «يزمّ» أكثر فأكثر الى 200 دولار. علماً أنّ هذا المبلغ يُسدد الى صاحبه بالليرة اللبنانية!
وأمّا الوضع الاجتماعي المعيشي للبلد فلم يسبق أن مرّ به هذا الوطن وشعبه. والحالة من الدقة في مكان لدرجة أن رئيس حكومة تصريف الأعمال استنجد بالدول الشقيقة والصديقة طالباً منها مساعدة لبنان. ومن يختلط مع الناس، خصوصاً إذا كان المنخرطون في العمل الإنساني، يصدمه واقع مرّ أكثر من مؤلم! وبالفم العريض: هناك جوع حقيقي!
ثم الكلام على الإهمال الرسمي فبدا فاقعاً الى أبعد الحدود: فهل زالت آثار الفيضانات والسيول التي تجددت خلال عشرة أيام، والتي لا تدابير (حتى اليوم) كفيلة بأنها لن تتجدد مرة ثانية! ومن لم يمت بالسيول التي احتجزت الناس ساعات طويلة على الطرقات، مات انتحاراً او بسقوط سقف البيت عليه وعلى شقيقته وسواهما!
ومن ثم الثوار في الشارع. لا يملكون سوى أصواتهم المرتفعة في وجه سلطة عاجزة و»متعاجزة» وقيادات أفلست بعدما أفلست البلد. فيلجأون الى تدابير مثل قطع الطرقات، تسيء إليهم وإلى ثورتهم أكثر مما تسيء الى من ينادون بإسقاطهم!
إنه زمن اليأس.