IMLebanon

الباب الموصد

 

عاد حادث البساتين يتصدر اهتمامات المسؤولين بعد انتهائهم من ملف الموازنة العامة، فهل تُشكّل احالته إلى القضاء العسكري مدخلاً إلى طي صفحة هذا الحادث، ويستأنف مجلس الوزراء المعطل منذ أكثر من ثلاثة أسابيع اجتماعاته لمعالجة الملفات الأخرى ذات الصلة المباشرة بالتزامات لبنان تجاه مؤتمر «سيدر» ويحصل على الهبات والقروض الميسرة التي اقرها هذا المؤتمر كمساعدة من الدول المشاركة لإخراج لبنان من ازمته الاقتصادية والمالية التي وصلت إلى حدّ إفلاس الدولة كما حصل لليونان منذ فترة ليست ببعيدة أم ان مواقف الفرقاء المتشنجة لا سيما الفريق المنتمي إلى التيار الوطني الحر والمقصود هنا رئيس حزب اللقاء الديمقراطي اللبناني، ستحول دون وصول الجهود المبذولة إلى النهاية السعيدة.

 

من جهته، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط لم يتغيّر موقفه المعلن منذ اللحظة الأولى لحصول هذا الحادث وعنوانه الانفتاح على أي حل تحت سقف القانون من أجل إعادة عجلة العمل الحكومي إلى الدوران ومواجهة الاستحقاقات الداهمة التي تتحضر للمنطقة وتطال لبنان حتماً.

 

والانفتاح الجنبلاطي يرتكز إلى قاعدة خضوع الجميع إلى مقتضيات القانون وهو ما إلتزم به حزبه فسلَّم المطلوبين خلافاً لواقع حال الحزب الديمقراطي الذي لا يزال رئيسه النائب طلال أرسلان يتلكأ حتى اللحظة في تسليم المطلوبين من جهته، ولا يكتفي بذلك بل يرفع منسوب شروطه، وكأنه في مواقع الآمر والناهي ومقرر الأمور وذلك تبعاً لتمسكه بإحالة الحادث إلى المجلس العدلي قافزاً فوق كلمة القضاء الذي يفترض ان يكون له وحده حق اتخاذ قرار الإحالة أو عدمه استناداً إلى ما تظهره التحقيقات التي تجريها الأجهزة القضائية المختصة.

 

ولأن الأمور اتخذت هذا المنحى خطا رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي خطوات أخرى إيجابية تسهل عملية الخروج من هذه الأزمة التي لا يستطيع أحد ان يتحمل ما تؤدي إليه في حال استمرت تداعياتها بإعلان جهوزيته التامة للمصالحة برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بعد إنجاز الشقين الأمني والقضائي في الحادثة، وتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود لكن هذه الخطوة من قبله لم يتلقفها القصر الجمهوري، ويبادر إلى دعوة الأفرقاء المعنيين ومنهم رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي يتحمل الجزء الأكبر من مسؤولية وقوع حادث البساتين بسبب تصريحاته الاستفزازية التي أثارت مشاعر أبناء طائفة الموحدين الدروز وأعادتهم إلى مآسي الحرب الأهلية التي نال الجبل منها الحصة  الأكبر.

 

ان المخرج لإنهاء ذيول حادث البساتين بات معروفاً تماماً ويقضي باحالته إلى المحكمة العسكرية مع إبقاء الباب مفتوحاً على إمكان الاحالة إلى المجلس العدلي في ضوء ما ستسفر عنه التحقيقات على ان تشهد المرحلة التي تلي ذلك خطوة المصالحة برعاية رئيس الجمهورية وتضع حدّاً لكل الإشكالات الدرزية – الدرزية من حادثة الشويفات إلى إشكال الجاهلية وما تبعه من استفزازات وانتهاءً بحادث البساتين الذي كاد ان يُعيد البلاد إلى أجواء ومناخات  الحرب الأهلية السيئة الذكر، ولا يوجد أي مخرج آخر، فلماذا إذن لا يزال رئيس حزب الديمقراطي اللبناني يرفض ذلك ويواصل التصعيد وبمن يستقوي ويرفض كل المبادرات الموضوعية لإنهاء هذه الأزمة وامتصاص تداعياتها على الاستقرار في الجبل،  الا إذا كان صحيحاً ما يعزوه رئيس الحزب التقدمي إلى النظام السوري الذي يتولى خطة محاصرته سياسياً انطلاقاً من محاصرته في الجبل وإلغاء مفعول المصالحة التاريخية بين الدروز والمسيحيين والتي أرساها مع  البطريرك الراحل مار بطرس صفير، وإذا كان الأمر ليس كذلك، فإن الحل الذي قبل به رئيس التقدمي هو الأفضل  لطي ملف حادث البساتين وإعادة الحياة الطبيعية إلى الجبل وضخ الدم مجدداً في جسم الحكومة المتوقفة عن العمل نتيجة تطلّب النائب طلال أرسلان في شروطه التصعيدية ورفضه القبول بأي حل آخر.