غالباً ما تأتي الضربات المؤلمة في توقيتها الصحيح لتحدث الصدمة التي يحتاجها اهل السياسة للتلاقي وتوحيد الموقف على حساب دماء الضحايا، ولكن هذا التقارب غالباً ما تنتهي مفاعيله بمفاعيل انتهاء ترددات ما اصابه التفجير الانتحاري، وهذا النظرية تصح ايضاً في تفجير برج البراجنة الذي انتج تضامناً وطنياً غير مسبوق على هول الفاجعة في تعامل السياسيين مع الحادث الارهابي الجديد بنوعيته واسلوبه عبر قافلة الانتحاريين الذين لا يمكن لأي جيش او اجهزة امنية وقفهم ومنع انتحارهم وحيث ان الجهوزية العالية لحزب الله والاجراءات الاحترازية المقامة منذ ثلاث سنوات في الضاحية الجنوبية لا يمكنها وقف الانتحاريين ومخططاتهم. وبالتالي فان تفجير شارع الحسينية طرح التساؤلات في امكان سير سعد الحريري في مشروع ابرام تسوية شاملة لرئاسة الجمهورية وفتح ابواب مجلس النواب والحكومة وقانون الانتخاب .
وعليه ترى اوساط سياسية ان التطورات الخطيرة التي يمر بها لبنان ولا تزال تساهم في تسريع الحركة السياسية وتكثيف وتيرة الاتصالات بين المختلفين في وجهات النظر في بعض الملفات الساخنة والخطيرة، ومن هنا لم يعد مستحيلاً مشاهدة التناقضات السياسية وهي تتحاور من اجل الخروج بموقف حيال قضية او ملف متفجر، وهذا ما حدث في إخراج الجلسة التشريعية بتعبيد الطريق الذي حصل الى المجلس النيابي . ولعل ما جرى في الجلسة التشريعية من تضامن على اثر تفجير برج البراجنة مؤشر الى ان لا شيىء يمر بدون اتفاق الضرورة وعندما تقتضي المصلحة الوطنية وتغلب على اي مصلحة اخرى ..
وإذا كان يفهم من زاوية معينة ولدى فريق في المستقبل يعتبر التلاقي مع حزب الله من الضرورات القصوى في ظل الاخطار المشتركة التي تهدد الداخل بعد التفجيرات الانتحارية وفي ظل ما تشهده الساحتين السنية والشيعية من تداعيات تسلل الإرهابيين الى بعض البيئات الحاضنة، فان الانفتاح على حزب الله تقول الاوساط، في نظر المتشددين في التيار الأزرق لا يزال يوضع في دائرة المحظورات وعليه الكثير من الفيتوات، فهو يؤثر في جماهيرية التيار الازرق وشعبيته، ويعني تقديم تنازلات للحزب من دون تحقيق مكاسب . فالاقتراب من حزب الله هو الشر المطلق بالنسبة الى بعض القيادات في المستقبل مهما عصفت وهددت داعش والنصرة ومهما فتكت بالمجتمع اللبناني، وبعض من يتسنى له الاطلاع على ما يدور في الغرف المغلقة يفاجأ بالخطاب المستقبلي والذي يصب دوماً في خانة تحميل حزب الله مسؤولية ما يحصل على الساحة الداخلية، وحيث لا يسع القيادات المستقبلية الاقرار بخطورة الارهاب المتسلل الى العمق اللبناني، وبان الارهاب كان سيأتي عاجلاً ام آجلاً تبعاً للتطورات والاحداث وحتى لو اجمع التحالف الدولي على ضربه وشنت طائرات الروسية مئات الهجمات و الضربات على مواقع داعش والنصرة . فانصار هذا الفريق على عدائهم القاسي والذي لا حدود له للنطام السوري وحلفائه وتحفظهم قائم دائماً على مشاركة حزب الله في المعركة السورية .
اما الفريق الأقل تشدداً في المستقبل الذي يعول على التجربة المقبولة في الحكومة والمساكنة التي لم تسبب اضراراً لأحد في الحكومة، فان هذا الفريق لا يجد عائقاً من الجلوس وتفعيل جلسات الحوار مع حزب الله خصوصاً عندما تشتد العوائق وهذا ما حصل سابقاً في الازمات والحوادث الكبرى التي وقعت على الساحة اللبنانية .
بالنسبة الى الاوساط السياسية فان المستقبل الذي يعتبر راس الحربة في كشف شبكات ارهابية خطيرة بالتعاون مع الاجهزة الامنية يتأرجح بين تقربه من حزب الله وخياراته السياسية، ترى الاوساط انه لا بد من السير بالحوار البناء والفاعل، حيث لا يجوز البقاء خارج الزمن وانتظار التسويات الإقليمية وامكانية التقارب بين الدول الكبرى والتي سيكون لها تداعياتها في اي ملف وعلى اللاعبين الصغار دوماً .يرى انصار هذا الفريق انه لا بد من الحوار لابرام تسوية شاملة تتضمن رئاسة الجمهورية والحكومة وفتح ابواب المجلس ولكن هل يقبل المستقبل بفصل مساره عن مسارات واجندات خارجية وهل يمكن ان يقبل حزب الله بالخروج من سوريا بعد كل ما انجزه ؟ وهل يمكن ان ينتج اي حوار حصل رئيس ماروني مقبول من 8 آذار مقابل عودة سعد الحريري الى الحكومة ؟