بناءً على تدابير عاجلة اتخذها القضاء ووزارتا الداخلية والبلديات والبيئة، أقفل محفار الرمل الذي انطلقت الأعمال فيه يوم الجمعة الفائت في العيشية (قضاء جزين) بعد شكوى المصلحة الوطنية لنهر الليطاني. إذ أعلنت وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن وقف الأعمال في المرملة القائمة على العقار 1174 لمصلحة شركة الدهانات «باستل باينتس» (أصحابها من آل حرفوش من جزين)، مبررة منحها موافقة على استثمار العقار لنقل الرمول بـ«استنادها إلى موافقة وزير البيئة السابق رئيس المجلس الوطني للمقالع طارق الخطيب في كانون الثاني الماضي لمدة سنة واحدة». من جهته، أصدر النائب العام الاستئنافي في الجنوب رهيف رمضان قراراً، أول من أمس، أوقف فيه الأعمال في المحفار وألزم مستثمريه بإخلاء الموقع من الآليات والحفارات المستخدمة في الأشغال. إلا أن المتعهد المنفذ لأعمال الحفر علي أبو زيد، وصاحب الآليات حسين موسى كانا قد تسبّبا، قبل قرار وقف الأشغال، بـ«أضرار بيئية وهيدرولوجية في مساحة تزيد على ثلاثة آلاف متر مربع» بحسب تقرير أعدّه قسم الثروة المائية في المصلحة، علماً بأن المساحة الواردة في ترخيص المجلس الوطني للمقالع تبلغ ألف متر فقط! ووفق التقرير، وُجدت حُفَر يتراوح عمقها بين 4 و7 أمتار موصولة بالليطاني عبر المجاري المائية والينابيع السطحية والجوفية. وقد أدّت الأشغال إلى جرف المجاري وردمها. وقُدّرت «الكميات المستخرجة في يوم واحد بحوالى 10 آلاف متر مكعب، فيما الكمية المرخص باستخراجها تبلغ ألفَي متر مكعب».
مبدئياً، طُويت صفحة مرملة «باستل باينتس». لكن حيثيات الترخيص المعطى لها توحي بأن المشهد سيتكرر. وكان المشهد نفسه قد حدث بالفعل في حزيران الفائت، عندما رخصت وزارتا الصناعة والداخلية والبلديات استثمار مرملة لمصلحة معمل سبلين للترابة وأوقفت بعد شكوى المصلحة.
الترخيص للأشغال على ألف متر وعمليات الحفر غطّت ثلاثة آلاف متر مربع!
وكان وزير البيئة فادي جريصاتي قد أصدر قراراً بوقف المرامل والكسارات في جبل الريحان، في شباط الفائت، بناء على شكوى المصلحة لما تسببه من تلوث مباشر على الليطاني والينابيع. ورغم الضجة التي رافقت الترخيص للمرامل السابقة، لم تتوان الدولة عن الترخيص لمرملة جديدة في المنطقة نفسها. فالمجلس الوطني للمقالع منح الترخيص برغم ورود تقرير من عضو المجلس، المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه غسان بيضون، يتحفظ على الموافقة، وينبّه إلى إمكانية التأثير على الوضع الهيدرولوجي للمنطقة وتصريف المياه الموسمية في حال استخراج الرمول في عمق يتجاوز 6 أمتار أو من دون إعادة ردم الحفر أو إذا استعملت المتفجرات. فضلاً عن إمكانية التأثير على المصدر المائي الموجود في الجوار في حال الاستثمار على مسافة أقل من 100 متر عن المصدر، إلى جانب التأثير على مجريَي المياه الشتويين المجاورين للعقار وعلى سيلان الأمطار وذوبان الثلوج في حال الاستثمار على مسافة أقل من 25 متراً أو رميت في هذه المجاري أتربة ونفايات صلبة». ولفت بيضون إلى أن العقار «يقع خارج إحداثيات المخطط التوجيهي العام وضمن منطقة خضراء تتواصل فيها الأحراج والأودية ويمنع فيها استثمار المقالع والمرامل. إلى جانب وقوعه ضمن منطقة تعدّ حوضاً يغذّي المياه الجوفية، ويمكن أن يؤثر عليه استخراج الرمول على عمق يزيد على 6 أمتار»