لم تكن جلسة الحوار بين «تيار المستقبل» و «حزب الله» بنسختها العشرين، كسابقاتها من الجلســات التي بدأت منذ 11 شهراً، فهي جاءت لتجــبّ ما قبــلها من مواقف سياسية نارية بين الطرفين، ولتسحب فتــيل الاحتــقان الذي بلغ مداه وكاد أن ينفجر في الشارع، ولتؤكد في الوقت نفسه أن لا بديل للطرفين عن الحوار الثــنائي سوى إعادة عقارب الساعة الى الوراء.
لهذا فإنه يمكن القول إن هذه الجلسة التي انعقدت في أجواء ساخنة، انتهت برداً وسلاماً على الطرفين اللذين خرجا منها «حبايب» وكأنه لم يسبقها أي تعبير من لغة التهديدات التي استعانت بقاموس «القواسم المشتركة» لممارسة الضغوط، واكتفى الطرفان بتوصيفها أنها غيمة عابرة أمطرت فأغرقت البلد بالتوتّر، لكنها «بلّلت» الحوار.
ويبدو واضحاً أن قرار الرئيس سعد الحريري بمواصلة الحوار مع «حزب الله»، قد قطع الطريق، بالدرجة الأولى، على بعض قيادات «المستقبل» المتربصين بهذا الحوار، والذين سعوا وما يزالون الى استهدافه بشتى الطرق، بهدف اللعب على الوتر المذهبي الذي يمنحهم جرعات شعبية، إضافة الى تصفية بعض الحسابات الزرقاء داخلياً، لا سيما أن هذا الحوار قد قدم قيادات على أخرى في تيار «المستقبل».
وإذا كان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق قد قدم خدمة مجانية لهؤلاء من خلال «الزوبعة» التي أثارها ضد «حزب الله»، فإن الحريري نجح في احتواء الموقف، وإن استعان بتغطية سياسية بأنه لا يريد أن يمنح «حزب الله» فرصة للتخلي عن الحوار الذي أعلن السيد حسن نصرالله تمسكه الكامل به خلال خطابه في ليلة العاشر من محرم.
الطرفان «اللدودان» قطعا الشك باليقين لجهة التمسك بالحكومة باعتبارها ضرورة لكل الأطراف في الوقت الراهن، كما تفعيل عملها، فضلاً عن ضرورة عقد الجلسة التشريعية لمجلس النواب.
أجرى الطرفان عمــلية تشــريح غير مــسبوقة للوضع الأمني، وخصوصاً على صعيد تنفــيذ الخــطة الأمنية في منطقة البقاع واستكــمال كل ما ينقصــها من عديد وعتاد، وقد تم وضع جدول لعقد اللقاءات وإجراء الاتصــالات، بهدف تذليل كل العقبات والعراقــيل من أمام هذه الخــطة، واحتواء أي ردات فعل شعبية يمكن أن تنتج عن أي عمل أمني قد يحصل في أي منطقة.
وفي الوقت الذي تؤكد فيه المصادر أن الجلسة العشرين للحوار كانت صريحة وواضحة ومنتجة لدرجة أن الطرفين خرجا منها بارتياح شديد، يؤكد النائب سمير الجسر لـ «السفير» أن «مجرد انعقاد الجلسة أوحى بالإيجابية، ولم يعد هناك ضرورة لأي عتاب، لأننا نتحاور من أجل مصلحة البلد»، وقال: «للمرة الأولى نضع أسساً لإجراءات عملانية ستؤدي الى تقدم ملموس في المجالات السياسية والأمنية والحياتية».