IMLebanon

التحالف” لا يعرف “نهاية اللعبة أو الخطة”!

أخيراً انخرطت الولايات المتحدة في عملية عسكرية – أمنية – سياسية تشمل الشرق الأوسط وإن كان عنوانها الأساسي الآن، ولكن ليس الوحيد، هو العراق ثم سوريا حيث سيطر “داعش” والمشابهون له من التنظيمات الإسلامية الأصولية السنّية المتطرفة والتكفيرية المؤمنة بالعنف وسيلة للحكم ولإعلان “دولة الخلافة” بعد نحو قرن على زوالها. لكن انخراطها هذا لم يكن فقط بسبب حصولها على الأجوبة الصحيحة عن عدد من الأسئلة التي كانت تطرحها عن دول المنطقة المذكورة، وعن أزماتها المستفحلة وصراعاتها المحتدمة وحروبها الأهلية – المذهبية المتنقلة بينها، وخصوصاً عن الإرهاب الذي فاق كل أنواع الإرهاب التي سبقته في العالم، والذي يبدو حتى الآن الثمرة الوحيدة لـ”الربيع العربي” الذي انتظرته الشعوب العربية بفارغ صبر، ولكن “المهترئة”. علماً انها لا تزال تأمل في ثمار له ناضجة ومكتملة المواصفات، وتالياً قادرة على تحقيق العديد من آمالها. وإنما كان الانخراط المذكور بسبب الخوف على المصالح الأميركية. كما كانت المصالح هي الدافع الأول لانخراط غالبية المجتمع الدولي والعالمين العربي والإسلامي في العملية المشار إليها. ولعل أهم مصلحة كانت ولا تزال أميركياً هي الإمساك بالنفط الذي تشكّل المنطقة خزّانه الأكبر ربما في العالم وحماية أمن إسرائيل، ودولياً تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة ومتنوعة، أما عربياً فإن المصلحة الأهم قد تكون المحافظة على الأنظمة ثم يليها الأمن والاستقرار وإن على حساب الحقوق والحريات على تنوعها.

ورغم كل ذلك بقيت على طاولة الإدارة الأميركية أسئلة من دون أجوبة قد يكون أبرزها: ما هي نهاية اللعبة (الخطّة) الجارية (End Game)؟ والمقصود هنا نهاية العملية المتشعبة المذكورة في مطلع “الموقف”. وقد يكون من أبرزها أيضاً ماذا تفعل أميركا بالرئيس السوري بشار الأسد ونظامه؟ طبعاً لا يعني غياب الجواب عن أي من السؤالين هذين أن البحث عنهما وفيهما متوقف عند المسؤولين الأميركيين المعنيين وفي مقدمهم الرئيس باراك أوباما. ومن خلال مناقشاتهم وأبحاثهم توصلوا إلى اقتناع بأن “نهاية اللعبة” أو العملية تتوقف على مدى نجاح بلادهم في المواجهة الداخلية الناشبة في العراق وخلفياتها وأبعادها الاقليمية والدولية المعروفة. وهم يعتقدون بوجود إشارات إلى أن رئيس الحكومة الجديد الدكتور حيدر العبادي يسعى صادقاً الى أن يكون شاملاً، أي أن تضم حكومته مكوّنات شعب بلاده كلها والاطراف الفاعلين في كل منها، اقتناعاً منه بأن ذلك يسهّل تهدئة الوضع السياسي. كما أنه يفتح الباب بالتعاون مع المجتمعَين الاقليمي والدولي أمام معالجة الوضع العسكري – الأمني الذي يهدد استمراره بوضع كلمة النهاية لدولة العراق الواحدة والمستقرة. لكنهم لا يبدون واثقين بأن سعيه هذا سينجح. وينبع عدم ثقتهم من أمور عدة أبرزها أن أميركا تحاول منفردة ومع جهات دولية أخرى إعادة تدريب الجيش العراقي بعد انهياره في وجه “داعش”. لكن المكوِّن الأغلبي في العراق (أي الشيعة) يحاول تأسيس منظمة عسكرية – سياسية محترفة مشابهة لـ”حزب الله” اللبناني وذلك بالتعاون معه وبمباركة ومساعدة من إيران الإسلامية. يعني ذلك بكلمات واضحة أن زعامات المكوِّن “الأغلبي” وقياداته ومعها إيران لا تثق فعلاً بولاء القوات النظامية “المُجدَّدة” أو بوفائها وصدقها لأسباب عدة بعضها مذهبي. ولهذا السبب فإنها تؤسس منظماتها أو جيوشها أو ميليشياتها استرشاداً طبعاً بـ”التجربة اللبنانية”. والموقف “الأغلبي” المذكور يعرفه المكوِّن الأقلوي العربي (أي السنّة). ولذلك فإنهم يصرون على تأسيس قوة خاصة بهم تدافع عن مناطقهم (حرس وطني مثلاً) وسيتمسكون بذلك. كما أنهم سيلحّون على الحصول على حكم ذاتي مساوٍ للحكم الذاتي الذي يعيش في ظله أكراد بلادهم (كردستان العراق). ويعني ذلك أن الحل الذي يُعمَل عليه سيرتكز على مناطق ثلاث يتمتع كل منها بحكم ذاتي.

ما هو دور قيادة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في هذا الأمر؟ الجواب عند المسؤولين الأميركيين المعنيين هو الآتي: أن دورها جداً غير واضح. فهي من جهة تشعر بقلق جدي كبير من الإسلاميين الأصوليين التكفيريين والإرهابيين، وتريد من أميركا أن تقضي عليهم بل أن تزيلهم من الوجود. ومن جهة تستمر في توجيه رسائل إلى الإدارة في واشنطن فيها كثير من الاختلاط والتشوُّش وربما من التناقض.

ما هو مضمون هذه الرسائل؟ وأين يكمن الاختلاط والتشوٌّش فيها؟ وما هي دوافعه؟