IMLebanon

تحالف القوّات والوطني الحرّ : نقد ذاتي أو…

 

تطفو الى سطح خلافات عميقة بين التيار الوطني الحر وحزب القوات حول ملفات كثيرة متعلقة بالشأن العام والتمايز بينهما يزداد في مقاربة قضايا كثيرة منها البواخر،  الموازنة وقطع الحساب، التعاطي بملف النازحين،  ضبط الحدود والى ما هنالك. وهذه القضايا أحيت الحساسية القواتية-العونية من جديد بعد هدوء وانسجام سادا العلاقة بينهما خاصة في مرحلة ترشيح الجنرال عون للرئاسة.

في ملف بواخر الكهرباء برز الخلاف بشكل واضح حيث طالبت القوات بمناقصات شفافة في حين تمسك الوطني الحر بالعرض الذي قُدِّم وما زال مصرا على المضي قدما بتنفيذ برنامجه حول الكهرباء.

في الموازنة،  تؤكد القوات ان قطع الحساب امر لا بد منه ولن تتساهل بتسوية تؤدي الى لملمة الموضوع بشكل مبهم حيث لا يترافق قطع الحساب مع الموازنة في حين ان العونيين يعملون على تحقيق صيغة تؤمن اقرار الموازنة ولاحقا تعالج مسالة قطع الحساب .

امور كثيرة يختلفان عليها لكن هذه المرة بدأت الانتقادات تصبح اكثر حدة من السابق، ولذلك فإن اتفاق النوايا الذي أبرم بين الوطني الحر والقوات مهدد بالانهيار، فالنوايا لا تنفع عندما تكون الافعال متضاربة ومتمايزة الى حد قد تصل الى الانفصال. والحال ان «طريق جهنم مليئة بالنوايا الحسنة» وهنا لم يعد يكفي الارتكاز على النوايا فحسب بل باتت المواقف والافعال العامل الاساسي الذي يعكس توجه الامور بين الحزبين.

هذا وزيارة الدكتور جعجع للرياض لا تبشر بالخير، فالسعودية تمارس ضغوطا على القوات اللبنانية وتريد ان تؤسس لمعارضة قوية لعهد الرئيس ميشال عون. والقوات التي رفعت الصوت عاليا على اداء سياسي وحكومي ونيابي للوزراء ونواب العونيين ستترجم هذا الامتعاض بالكثير من التصعيد بهدف تحقيق ما تريده من اصلاحات وتغيير في هيكلية النظام اللبناني المترهل.

وهنا اذا لم يكن هناك من مصارحة فعلية بين القوات والتيار الوطني الحر فهذا التحالف قد يكون عرضة للتفكك ولاعادة تموضع الفريقين في اصطفافات سياسية متباعدة، وهذا ما لا يجب ان يحصل خاصة بحق المسيحيين الذين عانوا من التشرذم ومن الانقسام. بيد ان التحالف القواتي-العوني اعاد للمسيحيين هيبتهم وعزز دورهم في الدولة كقوة قادرة على فرض كلمتهم وجعل الافرقاء السياسيين يستمعون لمطالب المسيحيين. ذلك أن اعادة احياء الحساسية العونية -القواتية امر لا يصب في مصلحة المسيحيين، ولكن في الوقت ذاته على التيار الوطني الحر أن يتعامل بمرونة وبشفافية مع ملفات كثيرة متعلقة باقتصاد هذا البلد كما على القوات اللبنانية ان تبادر الى طلب مصارحة وتقييم لهذه المرحلة منذ انتخاب الرئيس عون، فلا تمر الامور دون مناقشة او حوار يوصل الى نتائج ايجابية .

باختصار ان مصلحة المسيحيين تقضي بأن يتصارح الحزبين المسيحيين الأقوى على الساحة اللبنانية لتجنب خلافات وتصدع وانفصال لا يخدم المواطن المسيحي الذي يهاجر بشكل مفرط ولذلك على القوات والوطني الحر ان يبتا خلافاتهما حتى لا نصل الى وضع حزين يفرض على المسيحيين الذين ذاقوا الامرين منذ التسعينات الى يومنا هذا.