يبدو أنّ جميع المحرمات والمحظورات والتستر والشعارات والمقاومة والممانعة والصمود والتصدي سقطت كلها في حضن العدو والذي لا أعرف هل لا يزال عدواً أو بات لديه توصيف آخر! مبرّر هذا الكلام ما أقدم عليه النظام السوري من تسليم رفات الجندي الاسرائيلي الذي سقط في جنوب لبنان عام 1982 الى إسرائيل، واليوم تسليم رفات الجاسوس إيليا كوهين.
والجاسوس الاسرائيلي إيليا كوهين «حكم» سوريا وعلى مسافة قليلة جداً كاد أن يصل ليكون رئيساً للجمهورية السورية وأقله أميناً عاماً لـ»حزب البعث».
وإيليا كوهين لفقت له المخابرات الاسرائيلية قصة حوّلته فيها الى سوري مسلم اسمه «كامل أمين ثابت» هاجر وعائلته الى الاسكندرية ومنها عام 1946 الى الارجنتين وأنّ والده توفي هناك بالسكتة القلبية، وأنّ كامل كان يعمل في بيونس ايرس بتجارة الأقمشة، وأنه صفى أعماله كلها ليعود الى وطنه الأم المزعوم، أي الى سوريا (…) حيث باشر بإقامة شبكة علاقات واسعة مع كبار الضباط والمسؤولين الأمنيين وقيادات حزب البعث السوري… الذين وثقوا به وكشفوا أمامه المخططات والاستراتيجيات المعتمدة ضد إسرائيل، بحيث باتت سوريا مكشوفة كلياً أمام العدو(…).
عام 1965، وبعد 4 أعوام من العمل التجسّسي انكشف كوهين بالمصادفة عندما مرّت أمام بيته سيارة رصد الاتصالات الخارجية التابعة للأمن السوري(…) حوصر المبنى على الفور، وحقق مع جميع السكان إلاّ إيليا كوهين كونه كان مصدر ثقة ومقرباً من الرئيس أمين الحافظ وأركان الدولة الذين كثيراً ما أغدق عليهم الهدايا الثمينة… الى أن تكرر الرصد واكتشف أمر إيليا كوهين الذي أعدم شنقاً في ساحة المرجة في دمشق في 18 أيار 1965 (…).
قد يتساءل البعض أنّ أميركا قامت بنقل سفارتها الى القدس واعترفت بالقدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ولم يكتفِ الرئيس الاميركي الوقح بذلك بل اعترف أيضاً بسيادة إسرائيل على الجولان بالرغم من أنّ جميع قرارات الأمم المتحدة منذ عام 1967 تطالب إسرائيل بالانسحاب من الاراضي العربية التي احتلتها في تلك السنة… طبعاً إسرائيل تلعب على كلمة الاراضي التي احتلتها لتقول «أراضي» احتلت عام 1967 وليس «الاراضي» بالمجمل.
وبالمناسبة فإنّ الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد واسحاق رابين توصلا الى اتفاق سمّي في ما بعد بـ«وديعة رابين» تنسحب إسرائيل بموجبه من الجولان ولكن، مياه بحيرة طبريا تبقى لإسرائيل وكان الخلاف على 8 أمتار فرقاً بين المد والجزر في البحيرة فاذا كان الشتاء ممطراً تتوسع مساحة المياه في البحيرة وتتقلص مساحة الارض وعندما يكون الشتاء قليل الأمطار تزيد مساحة الارض وتتقلص مساحة البحيرة… وهناك قول شهير للرئيس حافظ الاسد: عندما كنت صغيراً كنت اصطاد في بحيرة طبريا وأريد أن استعيد ذكرياتي، وفي الواقع فإن بشار الاسد حقق أمنية والده وأعطى البحيرة مع هضبة الجولان لإسرائيل وهو من شدة كرمه وحفاظاً على كرسي الرئاسة لكي يبقى رئيساً، كما كان يقول الرئيس ياسر عرفات أريد أن أكون رئيساً في فلسطين ولو على ظهر حمار.
بشار فتى صالح يتمسّك بالمبادئ وصاحب رأي حر عسكري من الطراز الرفيع بالرغم من أنه طبيب عيون ولكن ظروف العمل لم تسمح له أن يكمل مشوار التعلم لكي يصبح طبيباً، ولكن لا مشكلة فالجميع ينادونه بسيادة الدكتور الرئيس!
وسؤال بسيط: ماذا سيقول بشار لحلفائه في محور الممانعة والمقاومة؟ ماذا سيقول لولاية الفقيه؟ وماذا سيقول للحشد الشعبي والميليشيات الطائفية العراقية؟ وماذا سيقول لـ«حزب الله» وأمينه العام السيّد حسن نصرالله؟ هؤلاء جميعهم دفعوا الغالي والنفيس من الأرواح والمال لبقائه على كرسي الرئاسة ويريدون أن يعلموا إسرائيل دروساً خصوصاً ما بعد حيفا وصواريخ قيصر عامر التي ستدمر إسرائيل… هذا الحلم تبخر وظهرت الحقيقة.