IMLebanon

فرق عملة!

قصّة استهداف القطاع المصرفي اللبناني هي في الخلاصة واحدة من ظواهر الأثمان الكبيرة التي يدفعها اللبنانيون نتيجة سياسات وممارسات وارتباطات «حزب الله».. ولا شيء جديداً في هذا الاكتشاف! ولا من يحزنون، خصوصاً في السنوات القليلة الماضية التي تميّزت عن سابقاتها بتظهير الجانب الإقليمي والدولي لهذا الحزب في مقابل ضمور الجانب الأساسي المدّعى داخلياً الخاص بمقاتلة إسرائيل.

دفع معظم اللبنانيين وأولهم في بيئة «حزب الله» نفسه جانباً مؤلماً من أثمان هيجانه الإقليمي في سوريا. ثم من تداعيات تحوّله إلى مصنّع للأوهام التي منها افتراضه القدرة على اللعب في مسارح كبيرة مثل الخليج العربي وغيره، قبل اليمن (بالمناسبة) وبعده.. ويدفع لبنان في الإجمال وفي مقوّمات بنيانه الخدماتي والاقتصادي والسياسي (والدستوري) أثماناً باهظة لبضاعة يبيعها هذا الحزب ويحوّل مردودها إلى إيران باعتباره جزءاً أساسياً من استثماراتها الخارجية!

وهذه سيرة معروفة ومقروءة تماماً، ولا تشوّه في سبكها ادعاءات العكس التي لا يتعب منظرو الحزب وطواقمه السياسية والإعلامية من تكرارها بلغة خشبية نخرها السوس تماماً أو يكاد، خصوصاً بعد النزول الروسي في سوريا.

لكن ما لا يتوقف عنده كثيرون، وما لا يريد «حزب الله» لأحد، في الواقع، أن يتوقف عنده، هو أن تصعيد الردود الوقائية الإقليمية والدولية على ممارساته وأدواره وخطابه، شهد مستوى غير مسبوق غداة وصول إيران إلى اتفاقها التاريخي مع الولايات المتحدة والدول الخمس الكبرى الأخرى على الموضوع النووي، وبدء مسيرة رفع العقوبات التي أطلقت سباقاً (حرفياً) بين الغربيين باتجاه الأسواق الإيرانية الواعدة!

بهذا المعنى، يُلاحظ (مثلاً) أن «حزب الله» يقاتل في سوريا منذ اليوم الأول لاندلاع ثورتها! و»موجود» في العراق منذ بدايات المرحلة التي تلت حرب «أم الحواسم» في العام 2003. وكثيرون يعرفون (وآخرون يفترضون) أنه لعب أدواراً كبيرة في الاستهدافات التي طالت الأميركيين هناك على مدى سنوات وجودهم! وهناك سلسلة قضايا ذات طابع أمني اتُهم بها على مساحة تمتد من أميركا الجنوبية إلى جنوب شرق آسيا.. ومع ذلك كله، لم يسبق أن حُوصر بالطريقة الجارية راهناً.

في تفنيد ذلك، قد يُقال جدلياً ومنطقياً، إن السنوات الماضية لم تشهد غلواً في أداء «حزب الله» مثلما فعل خلال الفترة القصيرة المنصرمة، وخصوصاً إزاء دول الخليج العربي عموماً والسعودية خصوصاً.. لكن في ذلك جزء من الجواب وليس كل الجواب: كيف تمشي إيران، برغم بعض الحصى والمطبّات في طريقها، باتجاه الانفتاح على العالم الخارجي، ويمشي حزبها اللبناني باتجاه يدفع إلى إحكام الإقفال والتأزّم عليه وعلى لبنان؟ وكيف يمكن أن تُفتح أبواب أميركية وأوروبية (في العراق تحديداً) حتى أمام تنظيمات وشخصيات مصنّفة في خانة الإرهاب مثل «فيلق القدس» وجنراله قاسم سليماني، وتنطلق في المقابل ورشة لإقفال كل منافذ الهواء عن «حزب الله» في لبنان؟

في محاولة الجواب، سؤال كبير وشديد الاختصار: هل باعت إيران «حزب الله» بالمفرّق في سياق «اتفاقها» النووي، أم ماذا؟!