IMLebanon

الحرب الباردة على أبواب بعبدا؟

يقول المثل الشعبي اللبناني “كثُر الطباخون فشوشط الطعام”، والمثل عينه يمكن أن ينطبق على واقع الانتخاب الرئاسي في لبنان. كَثرة موفدين ولا نتائج محققة أو يؤمل فيها حتى الآن. كلها لاستطلاع الآراء، وفي الآراء إجماع لبناني على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية، علماً أن الجميع يبدون غير مستعجلين في الاستحقاق، كأنهم اعتادوا الشغور، وعمل مؤسسات الدولة من دون رأس. وإذا مضت الأمور على هذا النحو لأمد طويل، فسوف يكون معنى ذلك أن الرئاسة لم تعد حاجة ضرورية، وأن الرئيس بات مرجعاً بروتوكولياً للاستقبالات الرسمية ليس أكثر. وإذا كان هذا هو الواقع الفعلي، فإنه بات من الضروري التفكير في إعادة النظر في اتفاق الطائف لتستعيد الرئاسة دورها المفقود أو المغيّب.

حتى الساعة، تبدو الحركة الدولية في اتجاه لبنان فولكلورية، إذ لم يُعلن أي من الموفدين قيامه بمبادرة جدية في هذا المجال، بل يُنمّي كل منهم فن الاصغاء لديه، لكن الأخطر ربما هو التداخل في الصلاحيات أو التضارب في المبادرات وعودة الحرب الباردة من البوابة اللبنانية. فالحراك الروسي في الملف الرئاسي جديد نسبياً، إذ لم تكن موسكو لاعباً أساسياً مباشراً في الاستحقاق اللبناني، بل تركت الأمر لحلفائها في المنطقة، وتحديداً لدمشق التي كانت اللاعب الأبرز مدى سنوات. وبما أن دور دمشق تراجَع، وتقدّمتها طهران بحساباتها الإقليمية والدولية، فإن روسيا فضّلت أن تدخل مباشرة على الخط، لتُمسك بالمبادرة وتحفظ حقها في اللعب، خصوصاً أن النظام السوري يترنّح تحت وطأة المعارضة والإرهاب معاً، وهو لن يكون قادراً على التأثير مجدداً كما كان.

هذا التحرك الروسي يمكن أن يصطدم بجدار الحراك الفرنسي، المدعوم من الولايات المتحدة الأميركية غالباً، بما يعطّل الاستحقاق عوض أن يدفع به قُدماً. لذا فإن التفاؤل بكل الحركة التي تندفع في اتجاهنا قد يكون في غير محله، وما علينا سوى انتظار تواصل خارجي جدّي يمكن أن يُخرجنا من دوّامتنا في إطار تبادل رسائل إيجابية بين الفاعلين في القرار الدولي.