سياسة اقصاء التيار الوطني الحرّ لم تعد تقتصر على المواقع الادارية والسياسية في الدولة اللبنانية. تنسحب هذه السياسة على انتخابات نقابة موظفي كازينو لبنان، حيث توحّدت حركة أمل وتحالف قوى 14 آذار، تحديدا القوات اللبنانية، والمستقلين ضد التيار العوني والمردة. والنتيجة: «تقديم» النقابة الى حزب القوات
في ترجمة واضحة للحرب الباردة بين عين التينة والرابية، ستؤول نقابة الموظفين في كازينو لبنان الى حزب القوات اللبنانية ممثلاً بنائب مدير المحاسبة كرم كرم، بعد ولاية «عونية» دامت أربع سنوات ترأس خلالها هادي شهوان النقابة.
التيار الوطني الحرّ الذي نجح، في حينه، بفضل التحالف مع حركة أمل وتيار المردة، مُسقطاً لائحة تحالف 14 آذار ممثلة بالنقيب الكتائبي السابق بطرس افرام، سيجد نفسه الثلاثاء المُقبل محبوساً في «بيت اليكّ»، بعدما فضّلت «الحركة» وضع يدها في يد القوات اللبنانية والكتائب والمُستقلّين على حساب لائحة التيار العوني والمردة برئاسة مدير قطاع المطبخ والمطاعم ورئيس تعاونية الموظفين ادغار معلوف، المُقرب من وزير الخارجية جبران باسيل. «اعلان النيات» القواتي ــــ العوني سقط على مدخل المعلم الكسرواني، بعد فشل مساعي التوافق بين النائب ابراهيم كنعان ومسؤول جهاز الاعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي. يجزم مطلعون على سير المفاوضات بأنّ الموظفين المحسوبين على حركة أمل هم الذين يعطلون مبادرات التوافق «والقوات تتلطى خلفهم نتيجة اتفاق بين القيادتين».
منتصف ليل الخميس ــــ الجمعة الماضي أُقفل باب الترشح الى الانتخابات النقابية على تقدّم 22 موظفاً بترشيحاتهم. حتى الساعة ستُشكل لائحتان، تضم كل منهما 7 مرشحين، وذلك بعدما عزف رئيس خلية الكتائب في الكازينو طوني أسطفان عن تشكيل لائحة تجمعه بـ «المستقلين». 680 موظفاً يحق لهم الانتخاب يقترع في العادة حوالي 650 منهم. أما الانتخابات، فيُطلق عليها «الانتخابات التكميلية»، وذلك لأنّ السبعة المنتخبين سينضمون الى خمسة أعضاء (2 قوات، 1 مردة، 1 أمل، 1 كتائب) تنتهي ولايتهم بعد سنتين.
حتى تاريخ كتابة هذه السطور، كانت المحاولات جارية على قدم وساق لتجنّب معركة انتخابية. المبادرة الأولى أطلقتها القوات اللبنانية من خلال تشكيل لائحة «تتألف من 4 أعضاء عونيين، عضو لحركة أمل وعضوين للقوات على أن يترأسها معلوف في السنتين الأوليين. بيد أنّ الرفض أتى من ممثل حركة أمل محمد دكروب». المحاولة الثانية كانت ثمرة اجتماع كنعان ــــ رياشي، أول من أمس، فاقترحا «لائحة فيها 3 أعضاء من التيار العوني و3 للقوات وعضو لحركة أمل يترأسها معلوف في السنتين الأوليين. وهنا أيضاً أتى الرفض من أمل». «الخرطوشة» الأخيرة التي يُحاول العونيون اطلاقها هي «التخلي عن ترشيح معلوف مقابل أن يترشح على لائحة التوافق عضوان عن التيار بعدما رُفض ترشيح ثلاثة أعضاء».
محاولات قيادة معراب للتوافق لم يترددّ صداها في المعاملتين، حيث يُصر ممثلو الحزب في الكازينو «على أن يكون النقيب من حصة القوات. لسنا في وارد تسليم معلوف كلّ شيء». هؤلاء لا يُقفلون الباب أمام التوافق وتقاسم الولاية مع «التيار»، شرط أن «لا يُترجم التوافق عبر معلوف وأن يتسلم التيار السنتين الأخيرتين من الولاية».
يبدو واضحاً، بالنسبة الى التيار الوطني الحرّ، أن «الكلّ (14 آذار وحركة أمل) يريدون اسقاط معلوف كنقيب وكعضو وذلك من أجل زكزكة ميشال عون في السياسة».
«لا ينقص سوى أن نُسلّم ادي (ادغار) مفاتيح المؤسسة»، تقول مصادر 14 آذار وحركة أمل في الكازينو. توضح أن «معلوف غير فاسد ونجح في مهماته، ولكنه يُطبق أجندات سياسية. في عهد شهوان، حين كان ادي هو الوصي الحقيقي على أعمال النقابة، كان هناك تسييس للعمل النقابي، ولم تكن هناك مشاركة في اتخاذ القرارات». في ملّف صرف الموظفين تعسفيا، «تحولت النقابة الى منبر للسياسيين الذين عالجوا الملّف. بناءً على ذلك، عاد الى العمل عدد من الموظفين لدوافع سياسية لا نقابيّة». لا توفر المصادر ثغرةً الا تستغلّها لانتقاد نقابة شهوان: «لم تؤمن مطالب الموظفين مثل اقرار ضمان الشيخوخة والعمل على تطوير النظام الداخلي». فالعمل كان «على طريقة النواب: تأمين خدمات وحماية العاملين الذين ينتمون الى خطهم حتى ولو ارتكبوا مخالفات مسلكيّة».
لكنّ لممثل الكتائب رأياً آخر: «كان لشهوان مواقف جريئة ساهمت في تحسين الأوضاع المالية للمصروفين»، يقول أسطفان. الأخير ما زال يُصر على أن «الأمور لم تُحسم بعد. الانتخابات خلقت اشكاليات لأن لكل فريق حساباته الشخصية». بالنسبة اليه الأهم هو أن تكون النقابة رأس حربة في الدفاع عن الموظفين، وخاصة أن الكازينو يواجه مشكلتين مع بداية العام الجديد: «زيادة حصة الدولة من الأرباح عشرة في المئة، وامكانية طرد عدد اضافي من الموظفين».
قرار ترشيح معلوف اتُخذ منذ ثلاثة أشهر «من أجل تبييض صفحة التيار في الكازينو، وخاصة أن شهوان يعاني مشاكل تنعكس سلباً على عمله»، تعترف المصادر العونية. هي تُسلّم بالخسارة، فالخلاصة التي توصلّ اليها التيار الوطني الحرّ تؤكد: «نتجه صوب فشل ذريع. ادي سيسقط».