Site icon IMLebanon

الحرب الباردة غير الساخنة؟!

 

غريب امر الدول الكبرى في عظمتها وفي جنونها السياسي والعسكري، لا سيما ان ذلك ظهر بوضوح في الحرب السورية – العراقية حيث انتقلت طائرات اميركا والدول الجامعة من جهة وطائرات الروس من جهة ثانية الى حرب مكشوفة ضد ما يسمى ارهاب الذي اقلق راحة العالم الاجنبي والعربي جراء ما فعله في العراق اولاً وسوريا ثانياً، من خلال قوى لا يتجاوز عديدها خمسين الفاً، تبين لاحقاً ان الغارات الجوية التي استهدفت هؤلاء،  تكاد تساوي وتشبه ما شنّه الحلفاء في حربهم العالمية الثانية على المانيا ودول المحور (…)

لقد تردد في الايام القليلة الماضية ان الجبار الروسي لن يتراجع عن تنظيف سوريا من الارهاب، حتى ولو اقتضى الامر الاصطدام بكل ما من شأنه اعاقة موسكو عن ترجمة تعهدها باكمال مهمتها، مع العلم ان الاجواء السورية لا تزال تعج بالطيران الغربي المتفاهم مع الاميركيين في ما يقوم به في المجال السوري؟!

متتبعو التطورات العسكرية على ارض سوريا والعراق لا يستبعدون امكان حصول توتر بين الروس من جهة وبين اميركا وحلفائها من جهة ثانية، لا سيما ان هدف الجانبين واحد باستثناء هدف الروسي الذي يعمل حساباً للارهاب بمختلف انواعه، اضافة الى ما يعنيه من ضرب خصوم الاسد، اي ان الاميركيين سيجدون انفسهم مضطرين لان يأخذوا في طريقهم قوى النظام، حتى ولو اقتضى الامر مجابهة القوى الروسية بالنسبة الى الاهداف العسكرية التي من الواجب سلوكها ليصلوا الى اهدافهم!

وبالنسبة الى الجديد الروسي، فان رجال الدين الشيعة في النجف قد ناشدوا الروس دخول الحرب العراقية بالتزامن مع ما يقوم به الطيران الحربي الاميركي والحليف لواشنطن على اساس استعجال قرار الحسم بالنسبة الى الحليفين الروسي والايراني اللذين سيجدان انفسهما مضطرين لتلبية مطالب القيادة الدينية الشيعية من غير حاجة الى حصول تنسيق مع القيادة السياسية في سوريا، حيث لا بد وان يختلف المشهد العسكري بالنسبة الى داعش والنصرة والجيش السوري الحر؟!

ان التطورات العسكرية الاخيرة في سوريا تحديداً لا بد وان تحمل المنطقة الى متغيرات سياسية لن تقتصر نتائجها على سوريا والعراق، خصوصاً انه في حال حصل اصطدام جوي بين الروسي واميركا سيتطور الامر الى ابعد من اشعال المنطقة فيما يبقى المستفيد الوحيد من المتغيرات هو نظام بشار الاسد، واسرائيل، بعكس ما سيحصل من رد سنّي في العراق الذي يسعى لان يطور قدراته القتالية ضد الشيعة الايرانيين وضد داعش في وقت واحد من الصعب ان يقتصر على رد فعل اميركي – اوروبي (….)

ثمة من يعتقد في هذا المجال ان الروسي لن يتراجعوا عن حربهم في سوريا مهما اختلفت التطورات الاقليمية والدولية، طالما ان الاميركيين لم يتحرشوا بطائراتهم، وهذا الامر ينطبق على الاميركيين الذين يحسبون الف حساب لامكان اصطدام طائراتهم بالطيران الروسي، لذا يبدو ان اي خطأ في حساب الجانبين لن يكون في مصلحة سوريا، وليس في مصلحة السلام العالمي الذي يحسب حساباً لاي استفزاز اميركي الروسي والعكس صحيح ايضاً (…)

ومن الآن الى حين معرفة نوعية الضربات الجوية الروسية سيتضح رد الفعل الاميركي، حيث لا يعقل من وجهة نظر المراقبين الديبلوماسيين الاجانب ان يعود الطيران الاميركي الى خارج سوريا، خصوصاً ان الحديث عن تسوية سياسية في سوريا لا بد وان تتم علي حساب الرئيس بشار الاسد، فيما سيتغير المشهد الروسي في حال كان لموسكو موقف من التطورات في العراق. اضف الى ذلك ان الايرانيين سيجدون انفسهم محرجين مع حزب الله في حال نجح الروس في تعزيز مواقع نظام الاسد على حساب الارهاب والخصوم في وقت واحد.

وما يثير الاستغراب في وقت واحد هو تراجع الروس او الاميركيين وحلفائهم عن اكمال مهمة التدخل في الحرب السورية وهذا في حال حصوله ستعاني المنطقة من مفاجآت سياسية وعسكرية في آن، لا سيما ان هناك من يجزم بأن الاميركيين لن يخلوا الساحة الروس والعكس صحيح، وعندها فقط ستطور الامور باتجاه حرب مكشوفة تعجل في استقرار الروس في سوريا والاميركيين مع حلفائهم في العراق على امل ان تعود الحرب الباردة الى نسختها الديبلوماسية؟!