يسيطر القلق على الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي وهناك معلومات وأجواء تنذر بأجواء غير مريحة في المرحلة المقبلة حيث سيشتد الصراع السياسي على الساحة الداخلية وستتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية والمعيشية أكثر مما هي عليه خصوصاً وأن الحكومة لم تتمكن حتى الآن من إيجاد أي حلول أو معالجات لهذه الأزمة المستعصية وثمة امتعاض من المجتمع الدولي لعدم وجود خطة اقتصادية واضحة، الأمر الذي فرمل اجتماعات الوفد اللبناني مع صندوق النقد الدولي أي هذه اللقاءات مكانك راوح وليس هناك ما يوحي بأن الدول المانحة ستقدم على دعم لبنان في المرحلة المقبلة لجملة ظروف ومعطيات ترتبط بالوضع السياسي المأزوم وفي إطار الخلاف القائم بين فئات لبنانية حليفة لطهران والمجتمع الدولي بعدما ارتفع منسوب العقوبات وصولاً إلى الخلاف والكباش الذي وقع بين الأميركيين وحزب الله على خلفية قرار القاضي محمد مازح، وبالتالي تداعيات هذه المسألة لا زالت قائمة، وهي تأكيد على أن لبنان متجه إلى صراع بين المحاور الإقليمية من خلال حركة اصطفافات داخلية ودولية ما يعيد حقبة الماضي ويؤكد بأن الأمور في البلد ذاهبة إلى ما لا يحمد عقباه على كافة المستويات.
وفي هذا الإطار، عُلم أن ما ينقل من أجواء من قبل بعض السفراء حول المخاوف من عدوان إسرائيلي فذلك أمر وارد قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية وفي ظل التصعيد بين الأميركيين والإيرانيين وصولاً إلى حزب الله وفي ظل تحالفه السياسي والديني مع إيران، وهذا ما يرتب وضعية سياسية إقليمية ستحوّل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات. وقد بات الأمر جلياً من خلال ما جرى ويجري من صراع وتبادل رسائل في أكثر من اتجاه، وما التصعيد بين حزب الله والسفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا إلى دليل قاطع وواضح لهذا المسار، في حين يبقى القلق الأبرز على الشأن الاقتصادي والذي قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي اضحى وارداً في أي توقيت، نظراً للإنهيار الذي يأخذ طريقه بشكل جنوني. وثمة تحذيرات من عواصم غربية من إمكانية حصول اهتزازات أمنية في لبنان على خلفية هذا الوضع المعيشي، وقد يكون الشارع في المرحلة القادمة عنواناً أساسياً لتصعيد بوجه السلطة، ما يدل على أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة وصعبة أكان على صعيد الوضع في المنطقة وانعكاساته على لبنان، وثمة ما يجري من انقسامات في الداخل وقلق على معيشة الناس، اذ باتت ظروفها بمثابة القنبلة الموقوتة التي ستنفجر في أي توقيت.
وأخيراً، فإن هذه الأوضاع لا تشي بأي انفراجات قريبة في ظل الشلل الذي يصيب مؤسسات الدولة، كذلك الوضع الحكومي الهش والحملات السياسية المتبادلة بين الأفرقاء السياسيين وصولاً إلى الدعوات التي بدأت تطالب باسقاط الحكومة أو تغييرها من خلال توافق داخلي لأن الأمور لم تعد تحتمل. وأضحت الأجواء غير قابلة للتسويف أمام موجات التصعيد التي ستتوالى فصولها في المرحلة القادمة، لذا أن الوضع في لبنان بدأ يقلق المجتمع الدولي لأن أي اهتزاز أمني قد يؤدي إلى تداخلات محلية وإقليمية وعندئذ من الصعوبة لجم هذا التصعيد. ولهذه الغاية هناك اتصالات تجري على غير صعيد ولكن حتى الآن كل الأمور في البلد تدور في حلقة مفرغة، حيث أن الحلول لم تظهر نتائجها لان المسألة باتت معقدة ومرتبطة ليس بالحل الداخلي وإنما تتعداه إلى أكثر ما هو بكثير.