لا مؤشّرات على أنّ النهج المُتّبع من أصحاب الحلّ والربط في لبنان قد تغيّر، ولا سيّما لجهة تشكيل الحكومات وإدارة البلد. فهؤلاء، وبالرغم من المأساة التي يعيشها اللبنانيون، يواصلون سياسة الإمساك بمفاصل الدولة من دون أيّ إصلاح، ومن دون أي حرج في عملية إسقاط المؤسسات والقطاعات، الواحدة تلو الأخرى. وكلّ ذلك تحت عنوان الحفاظ على مكتسباتهم ومواقعهم ومصالحهم، وحتّى وجودهم في هذا البلد، علماً أنّ واقع الحال يشير إلى أنّهم أكثر من يُهدّد وجود لبنان ككلّ، وتحويله أطلالاً يمارسون عليها حالاً من التسلّط والمكابرة والدفع نحو المزيد من العزلة وحال المواجهة والحرب.
لم يُدرك هؤلاء بعد أنّ العلاج الأساسي في لبنان هو الإستقرار الذي لن يرى النور من خلال سياساتهم. فهم تدرّجوا في القضاء على هذا الإستقرار، وتجسّد ذلك في تعطيل الإقتصاد، وتخريب علاقات لبنان مع الدول العربية والمجتمع الدولي، وضرب قلب لبنان المُتجسّد بعاصمته بيروت التي عاد وسطها إلى أسوأ ما كان عليه في أيام الحرب، فألغوا بممارساتهم عملية إعادة إعمارها التي قام بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بالرغم من كلّ الملاحظات التي يُمكن الحديث عنها في هذا الإطار.
لم ينفع مع هؤلاء كلّ الصرخات والمناشدات، ولم تنفع معهم رؤية مؤسّسات القطاع الخاص تنهار الواحدة تلو الأخرى، ولم تنفع معهم خسارة اللبنانيين قدرتهم الشرائية، ولم ينفع معهم جرّ البلاد إلى أوضاع فوضوية وأمنية مُتردّية، هم فقط يريدون لمخطّطاتهم أن تنجح على حساب الناس والدولة والكيان اللبناني، ولو بالقوّة.
هؤلاء، حاول بعض المجتمع الدولي أن يعطيهم من طرف اللسان حلاوة، ولكنّهم ضربوا عرض الحائط كلّ المساعي، وكأنّهم لا يريدون للبنان أي خلاص، ولا يريدون للبنانيين سوى حياة تعيسة، لا كلام فيها سوى عن النزاعات والحروب والدماء والقتل والفقر والجوع والظلم والظلامية والكراهية.
هؤلاء، لم ولن ينجحوا في إنقاذ لبنان، وعلى اللبنانيين جميعاً أن يدركوا هذا الواقع، ولا سيّما الذين يتبعون هؤلاء. فالحياة الكريمة لا تكون بالتضحية من أجل من يعيش برفاهية وبيده أن يقطع أنفاس مؤيّديه ساعة يشاء، وأن يستعملهم كيفما شاء، وأن يبيع أرواحهم ودماءهم كي يبقى هو في موقعه ومنصبه.
في وضعنا الراهن تقع المسؤولية الكبرى علينا نحن اللبنانيين، نحن من يجب أن يكون بيده الحلّ والربط، فمن استلموا الدفّة طيلة عشرات السنوات قادوا البلد إلى حيث نحن الآن، في هاوية يواصلون الحفر فيها للقضاء علينا جميعاً.