IMLebanon

2021: دخول مبرمج في مرحلة الانهيار الشامل؟!

 

2020… بئس السنة التي مرّت وانقضت، وبئس ما أغدقت علينا من أيام سوداء طاولنا فيها فشلا إثر فشل، وسقوطا في مهاوي جهنم التي بشرنا بها رئيس البلاد، فكانت بئس البشارة وبئس الهاوية التي تشاركت معظم جموع المسؤولين في حياكة خيوطها التآمرية التي ما تركت للوطن قْدرا ولا قيمة، ولا للمواطن وطنا ولا دولة ولا عملا ولا رزقاً، اللهم إلاّ بقايا انفاس ونتفا من فلس الأرامل، وحكومة قيد التشكيل، استهلكت أربعة عشر لقاء في القصر الجمهوري ما بين عهد قوي ما زال يسعى جاهداً نحو إثبات قوته في ما تبقى له من عمر سلطته، ومن جهد ومن سعي إلى تعويض سنوات أربع وصل الوطن في نهايتها إلى حافّة جهنم، بل هو اليوم الذي فشلت فيه حتى الآن، جهود الداخل والخارج في تحقيق تأليفٍ ما لحكومة ما، تمنع عن هذا الوطن المنكوب، إستكمال نكبته وسط كل هذه الأعياد التي فوجئنا بوجودها في نهايات هذه السنة التي تنقضي، وفي غمرة تلك المأساة النووية التي حلّت في ربوعنا مخلفة بيروت ست الدنيا وربيع المنطقة، وقد أضحى نصفها، أثرا بعد عين، وضحاياها وقد خطفهم الموت بأقسى صوره. مدينة لطالما عُرفت بمينائها بالغ الوهج والازدهار، وحضارتها وإشعاعها الفكري والثقافي والفني والطبّي والتجاري، فاضمحلّت بآثار الإنفجار وبمؤامرة القضاء على دورها في المنطقة العربية وإحلال ميناء حيفا ولواحقه الصهيونية مشروعاً بديلاً، تلقيناه ونحن في صلب أعياد لم يكن فيها من سمات العيد إلاّ ما يجافيه ويعاكسه، «أعياد» اكتظت في حصيلة أيامنا التي رافقتنا في هذه السنة الهجينة، فكانت اسماً بلا مسمّى، وكانت نهايات عام يُطلّ علينا في أواخرها عام جديد، واللبنانيون الذين باتوا مصنّفين في أدنى درجات البلاد وأكثرها تخلفاً، لم يعد في حوزتهم إلاّ بعض من دعاء ورجاء وأمل بأن يقيهم الله عز وجلّ من سيئات ما ينتظرهم في المقبل من هذا العام الجديد والذي يطل علينا مع تضاعف نسبة الفقر المدقع، ومع تفنّن في تشليح الناس أموالهم وجنى عمرهم وتركهم في الشوارع وفي غمرة الآفاق المظلمة ينضمون إلى فقراء هذه البلاد، وما بات أكثرهم، وقد خابت آمالهم في عيش كريم، وتشرّدَ أبناؤهم في جامعات العالم وشوارع بلاد استضافتهم وخذلتهم مصارف العجب العجاب في هذا الزمان المنحدر، فأصبحوا ومعهم أهلهم عاجزين عن تأمين حاجاتهم الدراسية، ومعظمهم ما زال عاجزا عن تدبير شؤونه وحفظ ما تبقى من آماله في مستقبل يعيشه متمكنا من تدبير أوضاعه الحياتية الحافلة بمصائب أبنائه ثقيلة الوجود والوطء.

 

أعياد عادت، فبأي حالٍ تعودين أيتها الأعياد؟ وبأي حال تطلّين علينا أيتها السنة الجديدة؟

 

خير من يدل على أحوالنا المفرطة في سوادها وانحدارها، هم اللبنانيون، الذين انقلبت حياتهم في الأعوام الأخيرة رأسا على عقب، خاصة منها سنوات الحاجات الملحّة والإفلاس الانحداري التي نعيشها في هذه الأيام الحالكة التي استوجبت على وجه السرعة القصوى، تشكيل حكومة جديدة بشعارات إصلاحية تنفيذية فورية تنقذنا من مهالك حتمية سببتها تصرّفات معظم أهل السياسة وانتهاكاتهم المالية وتجرؤهم الفاضح على الحقوق العامة والخاصة، فلم تتوقف عند ما آلت إليه أحوال البلاد والدولة من تراجع حاد، بل تجاوزتها الى جرأة إجرامية وصلت الى جيوب الناس وحقوقهم ومدخّرات عمرهم المصرفية، حتى اذا ما لاحت بعض معالم الإنقاذ الاقتصادي من خلال الإسراع الملحّ في تأليف حكومة جديدة بالتشاور والتفاوض مع بلد صديق وتصرفات مُريدة ومحبة، إذا بالتعطيل المؤسف لجهود التأليف من كل حدب وصوب، وكأنما هناك مخطط مدروس ومقصود ينصبُّ على الوضع العام من اتجاهات مكشوفة ومعروفة وذات ارتباطات محدّدة بخارج وضع أياديه الغاشمة على مفاصل الحياة العامة والخاصة، وألحقها بالشدّ على رقاب الوطن والمواطنين فإذا بنا في هذه الايام الرهيبة نعاني من هجوم مقصود على الدولة اللبنانية وعلى مواطنيها وسلامة أرضها، واذا بنا نعاني بشكل مقصود ومبرمج من محاولات حثيثة لإسقاط النظام والسعي لتوجيهه إلى مصالح خارجية يراد تحقيقها بأي ثمن، حتى ولو كان الإنهيار الشامل نتيجة مؤكدة من نتائجها الطاغية وأهدافها بعيدة المدى في التخطيط والتنفيذ والإطباق على أعناق البلاد والعباد… وها هي جهود الرئيس سعد الحريري التي أُطلقت الى الوجود تنمُّ في معالمها عن بعض الإيحاءات الإيجابية، فإذا بها تعود الى نقاط ما قبل الصفر، ويتضح للقاصي والداني مدى الجهد المبذول لنسفها ونسف كل سعي قد يوصل بشكل او بآخر الى تصحيح الاتجاهات الخاطئة مع مواقع الثقل العربي ومدى جهوده التي كانت له في الخطوط اللبنانية المختلفة التي لطالما طاولها العدو الإسرائيلي بأقسى صنوف الاستهداف والتدمير، فضلا عن تصدّيها لأي تقارب يعيد بعض السلامة الإصلاحية إلى خطوط السير اللبنانية التي نهشها الفساد بكل صنوفه وافتعالاته وهروبه بالمال اللبناني العام والخاص الى الخارج المشبوه، والثمن الخطير لا يدفعه الاّ هذا الوطن المنكوب، دولةً ومواطنين ومؤسسات، كل ذلك ونحن في مطلع عام جديد لا يبدو حتى الآن من مؤشراته، إلى أين يذهب مشبوهو هذه الأيام بالوطن والمواطنين في هذا المطلع السوداوي. ألم يكتفوا بعد! ومع ذلك كله، لن نتراجع عن التشبث ببعض الأمل والرجاء في نهوض ما يعيدنا إلى مسالك الحياة الطبيعية.