IMLebanon

أزمة نظام  

 

لنعترف بأن الأزمة، في لبنان، تتجاوز الخلافات الشخصيّة إلى تركيبة النظام بحد ذاته. فحتى الأنظمة تكبر وتشيخ. ولنفترض جدلاً أن نظامنا هو الأفضل من حيث النصوص، وهو ليس كذلك بالتأكيد، يبقى أن السؤال يطرح ذاته بإلحاح: لماذا وكيف تتراكم الأزمات من دون القدرة على ابتكار الحلول؟!.

 

لماذا تتحول أي مسألة إلى عقدة؟ ولماذا تُصبح العقدة قضية؟ ولماذا تصير القضية أزمة؟ ولماذا تلبس الأزمة جلد المأزق؟

 

أبعد من ذلك: لماذا تتكاثر الأزمة والمأزق فيتناسلان المزيد من الأزمات والمآزق؟!.

 

أي مسألةٍ لم تبلغ حد الأزمة؟ وأي أزمةٍ لم تبلغ حد المأزق؟ وأيهما وجدنا له الحل؟!.

 

أليست هذه حقيقةٌ واضحة وضوح الشمس؟

 

من أصغرها إلى أكبرها. ومن النفايات إلى الصلاحيات. وحدّث ولا حرج!

 

فهل هي مصادفةٌ أنه يتعذّر علينا انتخاب رئيس للجمهورية في تاريخ الاستحقاق الدستوري؟ ويتعذّر تشكيل الحكومة في وضعٍ طبيعي؟

 

يا سيدي، دعنا من القضايا المُسماة كُبرى أو سيادية. لنأخذ ما دونها بقليل. مسألة اللامركزية، موسّعة أو ضيقة: كلّهم قالوا بها. بل إن اتفاق الطائف ركّز عليها. فأين أصبحت؟

 

مرّة ثانية، دعنا من القضايا الكُبرى: قانون ضمان الشيخوخة، أين هو؟ ما مصيره؟ كيف أُقرّ قبل نحو خمسة عشر عاماً ولمّا يزل في المجهول؟

 

ليت الأمر يتوقّف هنا. ولكنه يكاد أن يكون شاملاً.

 

لماذا نختلف على لون أي شيء في السياسة والاقتصاد والمال، إلخ… حتى إذا رأى بعضنا بياضاً، رآه بعضنا الآخر سواداً. والعكس صحيح. أليس هذا ما يحدث في كل شيء؟

 

قد يُقال إن هذا من طبيعة التنافس السياسي. ولكن الأنظمة التي صيغَت بما يكفل احترام العقل والمنطق ومصلحة البلاد والعباد تجد الحلول. إذ فيها ما يجزم بأن الأبيض أبيض، والأسود أسود، والأحمر أحمر، إلخ… فلا تبقى المسائل عالقة، ولا يُفسح لها في المجال أن تتحوّر فتتحوّل إلى قضايا وأزماتٍ ومآزق.

 

ثم ليُؤذن لي أن أدّعي أن هذه المُسماة ديموقراطية توافقية هي بدعة. فإذا كان التوافق، فالجميع معه مبدأياً، أما إذا كان تفسيره الجمود حتى الاختناق فالكارثة، فيجب تجاوزه.

 

ومن ثم، أليس أننا انتخبنا ذات زمنٍ رئيساً للجمهورية بأكثرية الصوت الواحد؟ ألم يكن عندنا «نظام الحزبَين»: الكتلة الوطنية والكتلة الدستورية. إحداهما في الموالاة والثانية في المعارضة. وأيضاً الحلف الثلاثي والنهج…

 

يومها، ألم يكن لبنان أفضل بكثير من هذا النموذج المسخ؟