شاهدنا في الفترة الأخيرة مؤتمرات صحافية عدة، وخلافات ومعارك إعلامية، مع «نجوم» معروفة وقديمة تتعلق بـ «تركيب» وتقاسُم، ومحاصصة الحكومة الإنقاذية الجديدة التي كنّا نأملها إنقاذية للبنان، لإحياء البلد إقتصادياً، وإجتماعياً، وأمنياً وصحياً.
سمعنا أن ثمة خلافات حول أسماء الوزراء وعددهم (18، 20، 22، 24..)، كذلك حول مذهبهم، وطائفتهم، وتقسيم المناصب، والحديث الممل عن الثلث والربع الضامن أو المعطّل، وغيرها من الخلافات المبهمة.
لكن ما لن نسمعه من أحد، كيف ستساعد الدولة أرباب العائلات لتوفير لقمة العيش لعائلاتهم، أو دعم الأمهات لتأمين حليب لأطفالهم، أو دعم الشعب المرهق لمتابعة حياته المذلّة.
لم نسمع صوتاً أو نقرأ حرفاً حول كيفية مساعدة المرضى، وتوفير أدويتهم أو صيانة المعدّات الطبية المتدهورة، أو كيف ندعم الرياديين بغية خلق الوظائف والمساهمة في نمو البلاد، كما لم نشهد حتى ولو محاولات خجولة لرمق الشركات المرهقة بنظرة، والتي لم يعد في مقدورها تسديد الرواتب، ولو من رأسمالها الثابت، كما تسديد استحقاقات مورّديها ومتابعة عملها.
لم نشهد أحداً يتقدم، ويُبادر، ويُجاهد لمساعدة المستشفيات والمدارس والجامعات، من أجل أن تُتابع مسيرتها المهنية الضرورية في المجتمع، ولا سيما رسالتها النبيلة، ومساعدة الأهالي على الصمود ولو ضمن الحد الأدنى من شظف العيش.
في ظل التشنّجات أو الخلافات الإعلامية الفارغة والوهمية، لم يتطرّق أحد إلى الرؤية الإقتصادية، والإجتماعية، والمالية والنقدية، أو اقترح أو رسم الإستراتيجيات الضرورية للنهوض الإقتصادي، والإجتماعي والصحي، كذلك حول المشاريع الإنمائية، بغية إنقاذ بلدنا وشعبنا.
الحقيقة هي أننا نعلم جميعاً، أننا لم ولن نسمع، أو نشهد من السياسيين غير الخلافات الوهمية، والمبهمة، والحديث عن المحاصصة، وتقاسم المناصب، ليتفقوا بعدئذ في ما بينهم على حساب الشعب والبلاد.
نُدرك تماماً أنه لا يُمكننا الخروج من الأزمة الراهنة، من دون أن يكون لدينا سلطة تنفيذية، وحكومة فاعلة تحكم، وتعمل، وتُركّز على بند واحد لا غير، وهي الخطة الإنقاذية، والإقتصادية، والإجتماعية الجامعة، ومن ثم التوجّه فوراً بغية التفاوض مع مسؤولي صندوق النقد الدولي، لتأمين التمويل الحيوي للإقتصاد.
ليس مهماً التطرّق إلى أي بند آخر، أو أي أولوية، قبل رسم هذه الإستراتيجية على المدى القصير، المتوسط والبعيد، وبدء الإصلاحات الموعودة منذ عقود.
للأسف، لا نزال نسمع الخلافات والمحاصصة عينها، منذ نحو 30 عاماً، من الأقطاب عينهم، وكأنه لم يتغيّر عليهم شيء، لكن تغيّر الكثير، وانهار الإقتصاد، والقطاعات الانتاجية تتدهور يوماً بعد يوم، كما ينهار الأمن الإجتماعي، ويفتقر الشعب، ولم يعد لديه أدنى نسبة عيش كريم.
في ظل هذا النفق الغامض، وهذه المعارك الإعلامية، لم ولن نستسلم، وسنبقى نعمل ليلاً ونهاراً لإبقاء شركاتنا على قيد الحياة، وحماية موظفينا، والدفاع عن اقتصادنا الحر وبلدنا المستقل.
ردنا الحاسم على هذه الخلافات الوهمية: أشفقوا على شعبكم، وأولادكم وبلادكم، فالتاريخ لن يرحمكم.