IMLebanon

رهانات في الفراغ على تطوّرات إفتراضية

 

 

 

تعدّدت التصورات والصورة واحدة: الجمهورية معطلة في بلد ينهار، وسباق الرئاسة في زحام أحلام وكوابيس. شيء من اللعب بالمواقف والسعي لحذف المواقع من أجل الرئاسة. وشيء من الإنشغال بترتيب الأمور في مرحلة الفراغ الرئاسي ضمن الوجه الآخر للسيناريو. كثير من الإستعداد لما بعد الإنهيار بدل العمل لوقفه. وكثير من التنافس المحلي على الحظوة لدى عواصم العالم والمطالبة بالتدخلات الخارجية في أصغر الشؤون اللبنانية. إستسلام للاستعصاء والايحاء أن تأليف الحكومة مسألة معقدة جداً تتجاوز الحدود بين حقوق الطوائف الى الوجود، مع ان المعقد هو الحسابات الأبعد وأحياناً الأصغر من الحكومة لدى أصحاب الأدوار في التأليف. وإزدواجية بين الحاجة الى مساعدة العرب والعالم لنا وبين صم الآذان عن دعوات الفاتيكان وفرنسا والأمم المتحدة وأميركا وأوروبا وروسيا والصين ومصر والسعودية والجامعة العربية الملحة، لمساعدة أنفسنا بتأليف حكومة من أجل مساعدتنا.

 

لكن ما يرخي ظله على كل شيء هو سيناريوات التطورات والتحولات في المنطقة. بعضها سيناريو حرب إقليمية يوحي الذين يراهنون عليها أنها ستكون “أم الحروب” التي تعيد تشكيل النظام الإقليمي تحت المظلة الدولية. وبعضها الآخر سيناريو “صفقة كبيرة” أميركية – إيرانية تغلق باب الخلاف على ملفات البرنامج النووي والصواريخ الباليستية والنفوذ الإيراني في المنطقة، وتقود الى علاقات طبيعية بين طهران والرياض، كما الى تفاهم أميركي – روسي – صيني ينهي حرب سوريا وحرب اليمن ويفرض تسوية للصراع الفلسطيني – الإسرائيلي. وهناك طبعاً سيناريو اللاحرب واللاصفقة مع ضوابط للصراعات والأزمات.

 

ولا شيء مؤكداً في كل ذلك. لكن التصورات في لبنان تغلب الصورة الواقعية وتتخيل التطورات بما يلائم رغبات أصحابها. فهناك أطراف تراهن على تسليم العراق وسوريا ولبنان الى النفوذ الإيراني ضمن استراتيجية التركيز الأميركي على المواجهة مع الصين وروسيا، وترتيب النفوذ المصري والسعودي في الخليج وأماكن أخرى، وتوسيع التطبيع مع إسرائيل. وهناك أطراف ترى، على العكس، أن المد الإيراني محكوم بالإنحسار. ومن الوهم تصور العالم العربي بأكثريته السنية يرضخ للهيمنة الإيرانية الشيعية.

 

ومهما تكن التطورات، فإن مشكلة لبنان أنه ينتظر التحولات الإقليمية، في فراغ سياسي وإنهيار مالي وإقتصادي، على أمل أن تحدد له دوره وما يفعله، إن لم تذهب الى إعادة تشكيله. وهذه سياسة عدمية. فالمفروض أن يؤلف هو حكومته ويبدأ إصلاحاته لمواجهة التطورات من موقع القادر على حماية مصالحه وهويته، كما تفعل بلدان عدة.

 

يقول إيخمان في مذكراته: “كنت واحداً من عدة خيول تجر العربة، ولا تستطيع الهرب يميناً أو يساراً بسبب رغبة السائق”. فهل أصبحنا نحن أسرى نجر عربة مشروع ليس قدرنا ولا خيارنا؟ ليس صحيحاً أننا محكومون بذلك في إطار مبدأ الغلبة.