لا يزال مشهد الأونيسكو يطغى على الواقع العام ويلقي بظلاله على مجمل العناوين المحلية، بعدما فتح سجالاً دستورياً في لحظة تبدو فيها الساحة اللبنانية في غنىً عن أية توترات، أو أي خلاف يؤدي إلى إعاقة البحث بالملف الأساسي والمصيري المتمثّل بوقف الإنهيار، مع العلم، أن مرجعاً حكومياً سابقاً يتحدّث في مجالسه الخاصة، عن أن هذا الإنهيار قد حصل ولم يعد هاجساً فقط يتهدّد اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الطائفية والسياسية، وبالتالي، فإن النتيجة المباشرة لجلسة المجلس النيابي في الأونيسكو، هي نقل الأزمة من بيت الوسط وقصر بعبدا إلى مجلس النواب وعين التينة والمختارة وميرنا الشالوحي وحارة حريك، ومن دون تحقيق الغاية المعلنة من رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس النيابي، وهي محاولة تحريك الجمود الحكومي.
ويؤكد المرجع الحكومي السابق، أن ما بعد جلسة الأونيسكو لن يكون كما قبله، وقد بدأت كل الأطراف السياسية تتلمّس هذا التغيير، في ضوء اتضاح كل المواقف والنوايا بشكل ظاهر وعلني أمام الرأي العام، وهو ما خلق نوعاً من التموضع لكل طرف في موقع مختلف عن السابق، ولا سيما في ظل ما يتم تداوله في كواليس مجلس النواب عن محاولة إحداث عُرف إنقلابي جديد في النصوص التي تتحكّم بالعلاقات ما بين رئيسي الجمهورية والحكومة بالنسبة لعملية تأليف الحكومة.
وبحسب المرجع نفسه، فإن الكرة اليوم لم تعد في ملعب المعنيين بتأليف الحكومة، بل أصبحت لدى مجلس النواب، وتحديداً لدى رئيسه الذي يعمل على إرساء نوعاً من التواصل بين كل الأطراف من أجل الإفادة من المواقف المعلنة خلال، وعلى هامش، الجلسة العامة الأخيرة، لإيجاد تصوّر وليس مبادرة، من الممكن أن يُخرج التأليف من واقع المراوحة، وإحداث خرق ما في وقت قريب، خصوصاً وأن المبادرة الفرنسية في هذا المجال، ما زالت قائمة، كما كشف المرجع الحكومي السابق، والذي شدّد على أن السبيل الوحيد هو في العودة إلى نقطة الصفر، والبحث مجدّداً بأي نقاط مشتركة في هذا الملف. واعتبر أن العودة إلى فتح باب المشاورات الحكومية، يجب أن تبدأ من إعلان كل من بيت الوسط وقصر بعبدا ضرورة تأليف الحكومة في أقرب وقت ممكن، وذلك، على الرغم من اختلاف الأهداف والروزنامات السياسية لدى الطرفين.
وفي الوقت الذي أكد فيه المرجع نفسه، أن رئيس الجمهورية قد استنفد كل الأوراق الدستورية من أجل تغيير واقع التكليف، أشار إلى وجوب التقيّد بالدستور، والإلتزام بنصوصه، واعتبر أنه واضح، وما من مجال لأي اجتهادات بالنسبة لعملية تأليف الحكومة، وقد أعلن مجلس النواب بشكل واضح أن الثقة ما زالت قائمة بشخص الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، كما ذكّر بالمادة 53 من الدستور اللبناني، والتي تنص على «الإتفاق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف قبل إصدار مرسوم تشكيل الحكومة».