Site icon IMLebanon

جحيم رفع الدعم

 

يقول الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة بتاريخ 12 أيار 2020 بأن توقف مصرف لبنان عن تأمين الدولارات على السعر الرسمي سيضيف على سعر صفيحة البنزين 144 الف ليرة وسيبلغ سعرها النهائي 183 الف ليرة، وهذا لأن المصرف يقدم 90% من الدولارات على سعر الصرف الرسمي في حين أن نسبة 10% يتم شراؤها من قبل التجار على سعر صرف السوق.

ويلفت عجاقة إلى أن مشكلة المحروقات تدخل في تصنيع ونقل وتعليب أكثر من 95% من السلع والبضائع والخدمات التي يستهلكها المواطن، لافتاً إلى أن ارتفاع سعر البنزين سيؤدي إلى تضخم ضمني وهذا ما سيؤول إلى ضرب القدرة الشرائية للمواطن بشكل جنوني وكارثي وإلى سريان مفعول الاضطرابات الاجتماعية بقوة حادة.

ويقدر الخبراء أنه في حال تم رفع الدعم عن البضائع والسلع الاستهلاكية والغذائية سيصبح البعض منها على الشكل التالي، علبة الملح زنة 700 غرام ستصبح بنحو 22 الف وخمسمائة ليرة لبنانية بدلا من 7500 ليرة لبنانية، أما علبة الشاي زنة 500 غرام فستضحي بسعر 114 الف ليرة لبنانية بدلاً من 38 الف ليرة لبنانية، فيما سيغدو ثمن كيس الحليب زنة 2.5 كغ بـ171 الف ليرة لبنانية بدلاً من 57 الف ليرة لبنانية بينما سيصبح كيلو السكر بنحو 27 الف ليرة لبنانية بدلا من 8500 ليرة لبنانية.

أما الأدوية فسينخفض الدعم عليها إلى النصف باستثناء الأدوية الأساسية والمستعصية والسرطانية والمزمنة، إلى جانب حليب الأطفال واللقاحات.

وبذلك سترتفع أسعار الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبية كأدوية الصحة غير المزمنة أي الأدوية العادية.

فمسكن ألم الرأس مثلاً سيصبح سعره نحو 25 الف ليرة بعد أن كان بنحو 5 آلاف ليرة لبنانية.

لقد قدر رئيس نقابة الدواجن موسى فريجي ارتفاع سعر الدجاج بـ40% ليصل كيلو الفيليه إلى 70 الف ليرة لبنانية في حال بقي سعر صرف الدولار في السوق السوداء بحدود الـ12500 ليرة لبنانية، والمعلوم أن المزارعين يعتمدون على مولدات خاصة تحتاج إلى المازوت، من هنا فإن الزيادة نفسها ستطال أيضاً بيض الدجاج إذ ستبلغ سعر الكرتونة نحو 45 الف ليرة.

أما الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين فيوضح بتاريخ 6 أيار 2021 أن الارتفاع سيضرب المحروقات وسيعتري الدواء وسيفدح السلع الغذائية والاستهلاكية المدعومة، ويضيف شمس الدين بأن البنزين والمازوت والغاز هي مواد مدعومة بنسبة 90% وفقاً لسعر 1500 ليرة لبنانية للدولار الواحد، اما في حال تم رفع الدعم كلياً سيصبح ثمن صفيحة البنزين بنحو 137 الف ليرة لبنانية بينما سيصل سعر صفيحة المازوت إلى 120 الف ليرة لبنانية فيما سيرتفع ثمن قارورة الغاز إلى 60 الف ليرة لبنانية.

وقد أجرى الباحث شمس الدين جردة حسابية لكلفة المعيشة لأسرة مكونة من 4 أشخاص في حال ثبت سعر صرف الدولار عند حدود الـ12 الف ليرة وتم رفع الدعم فستصبح كلفة المعيشة نحو 10 ملايين ليرة، وفي حال ازدادت مدة انقطاع كهرباء الدولة فإن اشتراك المولد الذي يتراوح حالياً بين 250 إلى 300 ألف ليرة لبنانية سيصبح بين 700 الف إلى 800 الف ليرة شهرياً، وبالتالي فإن اجرة الميكانيكي والطبيب آيلة بالطبع إلى المزيد من الارتفاع.

ويلفت شمس الدين إلى أن القدرة الشرائية شبه معدومة حالياً لكثيرين من اللبنانيين إذ أن راتب 70% من الشعب اللبناني يتراوح بين المليون والنصف والثلاثة ملايين ليرة ما يعني ان جميعهم فقراء، وتكمن الخطورة في حال رفع الدعم واعطاء البطاقة التمويلية لمن دخله مليونا ليرة وثلاثة ملايين ليرة فقط لأن من دخله يتراوح بين خمسة إلى ستة ملايين ليرة، لن يحصل على بطاقة لأنه سيكون معتبراً من الميسورين رغم أن دخله لا يكفيه أساساً لتأمين حاجاته.

أما الخبير الاقتصادي ناصر السعيدي وهو وزير اقتصاد وتجارة سابق ونائب أول سابق لحاكم مصرف لبنان فقد أوضح بتاريخ 22 أيار 2021 أن استعادة الناس لأموالها المحجوزة ممكنة بشرط توافر خطوات عديدة تبدأ من المصارف عبر اعادة تكوين ميزانياتها ورساميلها، ومصرف لبنان سبق أن بدأ بهذه الخطوة بالطلب من المصارف زيادة رأس المال 20% بحلول 28 شباط إلا أن هذه الرساميل تبخرت نتيجة الخسائر الكبرى التي تكبدتها المصارف، ومن اجل تعويض هذه الخسائر اقترح السعيدي في حديث له مع العربية نت على المصارف أن تبيع فروعها خارج لبنان وأصولها في الداخل مثل العقارات بالاضافة إلى اعادة تخمين العقارات التي تملكها مقابل الاعفاء من ضريبة التحصيل التي تفرضها وزارة المالية على عملية التخمين.

لكن ما حصل وفق السعيدي فإن العمليات التي قام بها مصرف لبنان مثل تدخله في سوق القطع من أجل المحافظة على ثبات سعر صرف الليرة 1515 والهندسات المالية، كبدته خسائر ضخمة وتاريخية بقيمة 50 مليار دولار وهي ضعف الناتج  القومي الذي يتراوح بين 20 و25 مليار دولار، لذا شدد السعيدي على ضرورة تكوين ميزانية البنك المركزي من خلال سلوك سبيل الاصلاح المالي وأولى محطاتها تجلت بالاقرار والاعتراف بأن لا قيمة لسندات الخزينة والمطلوب اعادة هيكلتها.

واعتبر السعيدي أن لبنان بحاجة إلى سبعين مليار دولار على مدى 5 سنوات كي يعود الاقتصاد إلى نشاطه الطبيعي وحيويته، أي 25 ملياراً من المصارف والباقي موزعة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي والدول التي ترغب في مساعدة لبنان، وإن مكافحة الفساد وتطبيق القوانين هما أهم شرطين للدول لتقديم المساعدات للبنان.