Site icon IMLebanon

الوصول الى الخوف من الإنهيار الكامل

 

ليس أمراً قليل الدلالات أن يتولى “الثنائي الشيعي” القوي الوساطة بين الماروني القوي والسني القوي في تأليف الحكومة. والسؤال الطبيعي هو: هل نقترب من نهاية اللعبة في التأليف أم ندخل فصلاً جديداً في لعبة اللاتأليف واللاحكومة؟ الجواب الملموس، وسط تعدد الأجوبة النظرية، هو الواقع الذي نحن فيه. ولا أحد يتصور أن التركيبة الحاكمة والمتحكمة باتت تصغي الى الأصوات الصارخة في برية الصغائر والأنانيات: حافظوا على لبنان من الزوال ثم تصارعوا فيه وحتى عليه. لكن في الأفق ما يوحي الوصول الى الخوف من الإنهيار الكامل، بعد رهان عائلات في المافيا على الإنهيار وما بعده، وإصطدام عائلات أخرى بجدار السياسات العدمية.

 

كيف؟ من خلال ثلاثة أمور. أولها صعوبة الإستمرار في الطبعة اللبنانية- الميليشيوية من سياسة “القيادة من المقعد الخلفي” التي مارسها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما. إذ يدار الستاتيكو تحت مظلة شرعية، بحيث تغطي واجهة الحكم لعبة التحكم. وثانيها تسارع الإنهيار عمودياً وأفقياً في كل المجالات بما لا إرادة سياسية ولا قدرة مالية على إبطائه بعد أكبر منهبة للمال العام والخاص. وثالثها الإدراك المتأخر أن الإنهيار الكامل سيجرف الجميع، سواء بينهم من مارس سياسة عدمية ولا يعرف ماذا يفعل، ومن لديه مشروع لما بعد الإنهيار، لكن كلفة المشروع أكبر من قدرته.

 

كان رئيس مجلس النواب الأميركي الراحل تيب أونيل يقول: “كل السياسات محلية”. واليوم يقول روبرت مالي المفاوض الأميركي مع إيران: “كل السياسات دولية”. والقولان ينطبقان على لبنان المحتاج، برغم العنطزة المحلية، الى الآخرين في السياسة والمال والإقتصاد، والمتأثر بكل ما يحدث في المنطقة. وكما تدور الأرض حول نفسها وحول الشمس، يدور لبنان حول نفسه وحول المنطقة التي تدور حول نفسها وحول العالم. فعلى مدى أربع سنوات كان الدوران حول “الضغط الأقصى” الذي مارسته إدارة الرئيس دونالد ترامب على طهران بعد الإنسحاب من الإتفاق النووي. والدوران الآن حول التفاوض بين أميركا وإيران على العودة الى الإتفاق وبدء تفاهمات على ما تريده إدارة الرئيس جو بايدن وما تخطط له جمهورية الملالي التي صارت أذرعها في المنطقة مخيفة إقليمياً ودولياً.

 

وليس سراً أن في لبنان من يراهن على صفقة تتخلى فيها أميركا “مكرهة” عن المنطقة لإيران، ومن يراهن بالعكس على صفقة تتضمن إخراج النفوذ الإيراني من لبنان وسوريا والعراق واليمن. وسياسة اللاحكومة هي إبنة الرهانين معاً. وهما في النهاية مستحيلان. فلا صفقة يتركز الربح فيها على طرف واحد من دون تنازلات متبادلة.

 

كان ديغول يقول عن بسمارك والحرب الروسية-البروسية عام1870: “عبقريته أنه عرف أين يتوقف”. لكن “عبقرية” المافيا في لبنان هي أنها لا تعرف أين وكيف تتوقف عن تهديم البلد بإسم العمل له.