عندما تقع جريمة من مجرم يحمل صفة فعلته على الآخر، موتا، أو إيذاء، أو تعطيلا تتحرك النيابة العامة لملاحقته ويكون مصيره القبض عليه وسوقه للتحقيق ثم إيداعه السجن، فالمحكمة التي تصدر قرارها باسم الشعب اللبناني وذلك من قاعدتي العدل الذي هو أساس الملك والقاضي المستقل عن أية تدخلات وضغوط سياسية أو حزبية أو مادية أو تبعية هو الجهة الوحيدة التي تقضي بالحكم العادل والمنزّه عن كل غاية.
فقدسية القضاء في استقلاليته، وحياديته، ونزاهته، وخلو سيرته ومسيرته من أي محاباة ومن أي فساد أو إفساد. فاللبنانيون فاقدوا الثقة بقضائهم إلا ما ندر. هذا في جريمة الفرد فما بالنا بجريمة قتل شعب بأكمله عندما تمارس الدولة بأركانها منع سبل الحياة عن مواطنيها وتلقي بهم الى التهلكة وتسوقهم الى ما يفضي الى الموت المحقق وعن سابق تصوّر وتصميم في ما آل إليه مصيره وبإصرار عجائبي خالٍ من أبسط قواعد المسؤولية والإنسانية.
انهم هؤلاء.. انهم يبرؤون أنفسهم وذواتهم وأحزابهم من كل ما يجري ولكل فريق منهم زبانية باتوا معروفين ومعلومين ممن يقدمون أنفسهم إعلاميين وأصحاب مراكز إعلامية وأبواق مفتوحة للتبرير والبراءة وانهم ملائكة لا يريدون إلا الخير والإصلاح وبناء الوطن الذي يعيش أفدح وأخطر الانهيارات في كل جوانب حياته. وصدق من قال: ان لم تستح فأفعل ما شئت، ونزيد إن لم تخجل فقلْ ما شئت وان أحدا لم يسمعك ولم يعد يهتم إلا برحيلكم ومن هنا يكون الإصلاح والتغيير. وينهض الوطن من جديد سيدا حرّا مستقلا يعمل بوحي دستوره الناظم لحياة شعبه وضمان استمرار مؤسساته وتعزيز سلطاته الثلاث واستقلاليتها وحمايتها من المغامرين بجاهليتهم الحالمين بمواقع الرئاسات وكأن البلاد والعباد باتت من أملاكهم دون أي اهتمام لمصالح النّاس. لذلك نقول لهم:
١- قطع المياه عن الشعب يفضي الى موت الناس عطشا أو يصبح بيعه بأثمان عالية في جريمة احتكارية لم يسبق لها مثيل في لبنان لا يقوى الشعب على دفع ثمنها، ومياه الأنهر ملوثة وتفضي الى التسمم، والموت ونهر الليطاني المثل الساطع.
٢ – قطع التيار الكهربائي والعيش بالعتمة ٢٣ ساعة متواصلة، أو تسليم مصيرك مضطرا لأصحاب المولدات حيث بات الاشتراك الشهري مليون ل.ل. بما يسطو على كل راتبك الشهري وبالكذب والنفاق يخاطبوك نعمل لكهرباء ٢٤ على ٢٤ ودولة عاجزة عن جلب الكهرباء ولا تهتم بتداعياتها الخطيرة على المواطن وصحته وعلى المرضى. هي جريمة قائمة.
٣- إخفاء الدواء، وهل هناك جريمة أبشع وأخطر من منع الدواء عن المرضى ومن هم في المستشفيات للمعالجة وإخفاء البنج عن العمليات الجراحية والحليب عن الاطفال وإخفاء أدوية الأمراض المزمنة وأمراض السكري والقلب والوجع والمهدءات وأدوية تسكين الأوجاع للجسم. أليست هذه جرائم مشهودة ومستمرة دون أي تحرك من النيابات العامة؟! أضف إليه وباء الكورونا وتداعياته وما حصده من أموات.
٤- وحش الغلاء والاحتكار القائم بلا حسيب أو رقيب والمواطن الذي عاش كل عمره ببحبوحة راضٍ بها امتنع عن شراء كل أصناف اللحوم وأنواع الدجاج والسمك وأثمانها بمئات الليرات، كما منع نفسه وأسرته وأطفاله عن كل أنواع الفاكهة بلا إستثناء وحتى البطيخة الواحدة يتراوح ثمنها بين ٧٥ و١٠٠ ألف ل.ل. والسؤال ماذا بمقدور الشعب أن يأكل مع أولاده وعياله؛ وأين الرؤساء وأين الأقوياء وأين الاصلاح والتغيير؟
٥- المجاعة التي طالت كل الشعب اللبناني الأغنياء ومتوسطي الحال فما بالنا بالفقراء ومن لا معيل لهم سوى الله. هذا غيض من فيض. هذا القليل من الكثير الذي ارتكبته أيديكم وأيادي زبانيتكم وأزلامكم وخدمكم من إعلاميين ومحللي الباطل بألسنتكم وتزويركم الحقائق. ماذا فعلتم بهذا الوطن وبالشعب الطيب الذي حوّلتموه طوائف ومذاهب ومناطق ومرتزقة لدول أخرى وفتحتم عليه أبواب جهنم والجحيم وبات الموت قهرا ونكدا وجوعا ومرضا ووباء مصيره المحتوم وأنتم لا تتحدثون عن جنس الملائكة وإنما عن مواضيع وضيعة أمثالكم أي وزارة وأي صلاحية وحمل أقزامكم الى مواقع الرئاسات والوزارات والنيابة التي دنّستوها بدنسكم وأفسدتم كل شيء بفسادكم وافسادكم. ارحلوا لأن مصيركم السجن والعقاب الشديد بما فعلتم بوطن الإنسان المميّز والوطن الفريد بشعبه وطبيعتة وبيئته وجماله.
لقد تعب الشعب اللبناني المظلوم والمقهور منكم وبات يعاني حالات اختناق وضيق وانهيارات جسدية ونفسية قد تفضي به وبعياله الى الموت المحقق وأنتم لا تبالون ولا تهتمون لمعاناته وآلامه، صار واثقا ان لا دولة لديه بل باتت الدولة لكل «مين ايده له».
في بلدان العالم إذا ارتكب المسؤول خطأ ان كان رئيس دولة أو حكومة أو برلمانا أو مؤسسة او إدارة حكومية أو حتى موظف في إدارته يسرع بتقديم استقالته من موقعه أو منصبه ويعتذر من الشعب وإعلان فعل الندامة عكس ما نراه في بلادنا إذ باتت الجريمة أحد شروط الزعامة الفارغة والتربع على الحكم، أوليس عهد المليشيات بقريب واقع؟! لقد تعب الشعب اللبناني منكم ومن طول تشبثكم بالحكم خلافا لإرادته؛ ومن خطاباتكم ومن الذين يتسابقون إعلاميا ليثبتوا فروض الطاعة والولاء على حساب الشعب العظيم حسب أوصافكم له. خذوا ما شئتم وافرغوا الوطن من كل مقومات بقائه واستمراره لكن الشعب اللبناني نهض بعد أن قدّم التضحيات الكبار سواء في حروبكم التي جعلتموها أهلية العام 1975 أو في التفجير الزلزالي توأم النووي وما خلّفه من ضحايا شهداء وخراب ودمار وجرحى ومعاقين بالآلاف، والشعب لا ينسى انه كان موعودا بالإصلاح والتغيير.
ألا ساء ما فعلتم بلبنان درّة الشرق وبالشعب اللبناني العظيم، سيبقى 4 آب يطاردكم حتى اكتشاف الحقيقة ونيل المجرمين العقاب العادل. ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب.