“تمّ العثور على قنبلة نووية في مزرعة أحد الموالين لحزب سياسي، وبجانبها صاروخ عابر للقارات غير مجهّز للإطلاق بعد”.
هذا الخبر يمكن لكثيرين ممّن يدّعون الصحافة أن يرووه بكل ثقة، وأن يروجوا له على وسائل التواصل الاجتماعي، ويمكن لمجموعة كبيرة من الناس أن تصدّقه وأن تتداوله، حتى أن البعض ممكن أن يقول إنه قد رأى القنبلة والصاروخ بأمّ العين.
لا أبالغ ابداً بهذا الكلام، فمن ابتكر الكذبة وصدّقها سيكون سهلاً عليه أن يروّج لها لدى رأي عام غبي وأعمى وحاقد، وسيكون سهلاً عليه أن يواصل الكذب في سياسة هروب إلى الأمام هدفها تغطية الكارثة والانهيار ومسبّبيه بسخافات يعتقد أنها ستؤثر في أصحاب المنطق والعقول، وفي نفوس من يعرفون تمام المعرفة من هو مسؤول عن دمار لبنان وخرابه.
ليست مشكلة لبنان اليوم هي العثور على محروقات مخزنة هنا وهناك، رغم أن أي تخزين عن غير وجه حق هو مخالفة يعاقب عليها القانون. المشكلة في لبنان هي أن من أمسك بزمام الأمور رفض ويرفض بناء دولة قوية تملك قرارها وتطبّق القوانين وتؤمّن حاجات الناس، وما زال هؤلاء على النهج ذاته، تتحكّم بهم المصالح الشخصية ونزوات السلطة.
لو يحسب هؤلاء فقط ما خسره لبنان في فترات الفراغ الرئاسي والحكومي، لوجب عليهم أن يصمتوا وألا يعيّروا الناس بمخالفة من هنا ومخالفة من هناك، ألا يخجل هؤلاء وقد دخل الفراغ الحكومي عامه الثاني في زمن الانهيار التام، وهم يتناتشون حقيبة وزارية من هنا وأخرى من هناك؟
ألا يخجل هؤلاء وقد باءت كل وعودهم وتعهّداتهم بالفشل، والأنكى انهم يحاولون إيجاد المبرّرات لذلك؟
ألا يخجل هؤلاء وقد تسبّبت سياساتهم وتحالفاتهم في عزل لبنان عن العالم العربي وأصدقائه في العالم؟
ألا يخجل هؤلاء وكل الدول تصفهم بالفاسدين والمأجورين والمهملين والمتسبّبين في معاناة الناس؟
ألا يخجل هؤلاء من رؤية مواطنيهم يتعذّبون ويعانون وهم يكرّرون شعارات فارغة وفاشلة؟
ألا يخجل هؤلاء من المساهمة في ضرب الدولة وهيبتها وسيادتها وقرارها؟
هنا سبب المعاناة، والباقي كله نتائج.