Site icon IMLebanon

«لم يعد ينفع إلا الدّعاء»

 

اختصر الرئيس نبيه برّي بالأمس الواقع اللبناني بكلمات قليلة “لم يعد ينفع إلا الدّعاء” ولكن لا نعرف هل ندعو لهم أم ندعو عليهم؟! أمام حال لبنان وسياسات العهد التي لا تجيد إلا فنّ الانتحار ونحر البلد والشعب، لا أحد يستطيع أن يدّعي أنّه يملك رواية أو تصوّراً للأيّام المقبلة أكثر من مخاوف الفوضى والاضطراب وفلتان الشارع، لا أحد يمتلك حلاً حتى الذين منوطة بهم مسؤولية أن يتفرّغوا لإيجاد الحلول منخرطون في لعبة الثّلث المعطّل، تعب اللبنانيون من هذا الواقع الذي يزداد قتامةً، في أسوأ أيام الحرب لم تكن الناس غارقة في الذلّ إلى هذا الحدّ في جريها خلف المعايش وهموم تأمين اللقمة لأطفالها والدواء والكساء ودفع شرور الوباء، في مواجهة طبقة سياسيّة تعيش في غيبوبة، فلا هي ترحم ولا تريد لرحمة ربّنا أن تنزل على هذا الشّعب المسكين!

 

في شهر نيسان الماضي وصف وزير الخارجيّة الفرنسي جان إيڤ لودريان  القوى السياسيّة اللبنانيّة بالعمياء لأنّها “لا تتحرّك لإنقاذ البلاد على الرّغم من تعهداتها، وهي تتعنّت عن عمد ولا تسعى للخروج من الأزمة”. والقوى العمياء ستبقى عمياء لأنّها تتكالب على مصالحها الشخصيّة الدنيّة، وبالرغم من الكوارث التي يمرّ بها البلد لا يزال العهد غير آبهٍ بالشعب؛ والخلاصة الوحيدة التي استيقن الجميع منها أنّنا أمام تجربة مستعادة من العامين 1989 و1990 مع نفس الشخص وأنّ هذا العهد لن ينتهي قبل أن يبلغ لبنان الخراب وحدّ النّهاية!!

 

يدفع لبنان ثمن اعتقاد فريق منه أنه يعيش واقع أن لا مسيحيين قبل ميشال عون وتياره وصهره، وأنّه لن يكون هناك مسيحيّون من بعدهم أيضاً، وللأسف تجربة العامين 1989 و1990 عادت للحضور بسوداويّة في المشهد اللبناني فمن مغامرتيْ التحرير والإلغاء اللتيْن دمّرتا بيروت بشطريْها الشرقي والغربي ومعظم المناطق والقرى جاءنا هذا العهد جالباً معه من تلك المغامرة الإصرار على تعطيل البلد ولو كلّفه الأمر قتل البلد ومن فيه، هذه سياسة ذقنا منها الأمرّيْن في تلك الأعوام السوداء مع الإصرار على إعادتنا إلى أشباحها بشكل أو بآخر، ولا يُلام في هذا الواقع المفروض على كل اللبنانيين إلا المسيحيّون أنفسهم وهم وحدهم سيتحمّلون وزر التّبعات التي سيتسبّب بها الفريق العوني لأنّهم تركوا الأمور تستفحل إلى هذا الحد ورضخوا لفريق منهم استقوى عليهم مرّة بسلاح الجيش منذ العام 1988 مستخدماً الجيش ومستقوياً به، وقد كرّر التجربة ثانية واستقوى عليهم عام 2006 بسلاح حزب الله وبنظرية الرئيس القوي!!

 

منذ دخل ميشال عون الحياة السياسيّة استطاع خلق حالات تعطيل للحياة الدستوريّة والهروب من إلزاميتها إلى عناوين تعطيليّة، في العام 1989 نجح في الهروب إلى خدعة “التحرير” ورفع وقال جملته الشهيرة المدمّرة “بيروت قالبة تمان مرّات ويكونوا تسعة”، هذه المرة نجح ومن معه في إبقاء الحياة السياسيّة في حالة تصحّر وفشل تامّ فإمّا أن يحكم هو وصهره وفريقه منفرداً وإمّا لن يسمح بأن تكون هناك ممارسة طبيعيّة لدورة الحياة السياسية كما عرفها اللبنانيون أو كما نصّ عليها الدّستور!