Site icon IMLebanon

«لا» النافية

 

 

الزوار الأجانب، خصوصاً الغربيين منهم، يفاجئهم ارتفاع تكاليف الحياة في لبنان وبالذات توافقاً مع انهيار العملة الوطنية بشكل مروع.

 

أحد هؤلاء موجود في لبنان بمهمة مرتبطة بالانتخابات النيابية العامة المقررة في منتصف شهر نوار المقبل، وقد أعطى نفسه إجازة يوم الأحد الماضي وقصد أحد المتاجر الكبرى في جولة تفقدية، و»صُعِقْتُ لِما شاهدتُ وعاينتُ»، على حد قوله.

 

ومما قاله: صادفتُ سيدة شابّةً تبكي. لفتني المشهد، قصدتها، استأذنتها الكلام، تحدثنا، كانت لغتها الانكليزية ممتازة… خلال الحوار قادتني إلى جناح الفاكهة والخضار لتدلّني إلى بعض الأسعار، فإذا سعر الخسّة الواحدة 40 (أربعون ألف ليرة لبنانية). وضمة الفجل – وفيها فقط ستّ حبّات – بخمسة عشر ألف ليرة. وكيلو الفليفلة الخضراء – مكوّن من أربع حبّات – سعره خمسة وأربعون ألف ليرة، أي أن الحبّة الواحدة بأكثر من أحد عشر ألف ليرة. وسعر الكيلوغرام الواحد من البندورة الصالحة للأكل ستة وأربعون ألف ليرة. وكيلو الخيار بأربعين ألف ليرة (…).

 

ومضى يقول: وأكثر ما «صعقني»، وهذه الكلمة ترجمة فعلية لما قاله في لغة بلده، أن هذه الأرقام أصبحت «كارثية» عندما عرفتُ أن تلك السيدة الشابة هي خريجة جامعة لبنانية كبرى ولم تجد أي وظيفة في لبنان بأكثر من مليون و200 ألف ليرة، ولقد تقدمتْ وعريسها الشاب بطلبات لا تُحصى للعمل في الخارج، وطَلَبَي هجرة الى كلٍٍ من الولايات المتحدة الأميركية وكندا، وهما يُعدّان طلباً ثالثاً ليتقدما به إلى أوستراليا…

 

وبعد، نحن اللبنانيين، نعرف هذه المعاناة، وأكثريتنا الساحقة تعيشها، والأمر لا يتوقف عند ضمة فجل (هل تذكرون المَثَل السائر في بلدنا: «أرخص من الفجل»؟) أو بضع حبات من الفليفلة الحلوة الخضراء، أو كيلو البندورة وكيلو الخيار، فهذا شيء لا يُقاس بمتطلّبات الحياة وتكاليفها…

 

واستعيدُ هنا ما ختم به كلامَه الزائر الأجنبيُّ ذو الصلة بالانتخابات رامياً في وجهي السؤال المهمّ: وهل تظن أن صندوقة الاقتراع ستبدّل الحال؟

 

يؤسفني أن جوابي «لا» النافية.