IMLebanon

إلّا في لبنان

 

 

الذين يتابعون تطور الفكر الفلسفي في هذه الحقبة الزمنية يتبين لهم كيف أن العالم انتقل من الكلاسيكية  الى الانطباعية الى السوريالية الى العبثية الى الحداثة الا اللامعقولية. وهذا ما ينطبق على نواحي الحياة كلها في الفنون على أنواعها، والأدب نثراً وشعراً، والاجتماع، والعيلة، والحرية الفردية والعامة الخ … والنماذج التي نعيشها أو على الأقل نتعايش معها، في لبنان وسائر أنحاء العالم ، لاسيما ما يسمّى بالعالم الأول تتكشف لنا عن حقائق مذهلة سقط معها ما كان يعرف بسلّم القِيَم وبالقواعد الاجتماعية والمفاهيم الإنسانية… بل إن تلك القِيَم باتت مجالاً للهزء والسخرية، وتلك القواعد لم يعد التمسك بها دليلاً على سلوكٍ ما، حتى أن السلوك ذاته بات من زمن مضى.

 

ومع ذلك، في زمن اللامعقول، هذا، حافظ المسؤولون عن شؤون الناس في الدول على مفصل واحد وهو قاعدة تحقيق مصالح الجماعة وصيانتها وطبعاً على المصالح العليا لأوطانهم، إلا عندنا في لبنان!

 

فالمسؤولون عندنا، في السلطة وخارجها، سبَاقون في ضرب البلاد والعباد، والأمثلة على ذلك ليس لها حدود. اذ في أي بلد من بلدان العالم يتولّى شؤونه الفاسدون الذين يعرفهم أتباعهم بالاسم وبالوقائع والإثباتات والأسانيد ويبقون يدافعون عنهم «بالروح والدم»؟!.

 

وأي بلد في العالم يغرق في الفساد حتى إفقار الناس وتجويعهم وتشريدهم في الزوايا الأربع من المعمورة، ويبقى هؤلاء المسؤولون في مواقعهم، واللامعقول أنهم يطلعون على الناس محاضرين في العفة؟!.

 

وأي بلد في هذا العالم تتوقف فيه التحقيقات في واحدة من أبشع وأخطر جرائم العصر سنة على الأقل، واللامعقول الإمعان في هذا الارتكاب القضائي المخزي نتيجة للضغوط السياسية المجرمة؟!.

 

وأين يتحول «الثوار» الى نعاج مطواعة بعد أن أدت ثورتهم «المظفّرة» الى خراب البصرة وفتحت الباب أمام الفقر والإذلال؟!.

 

وأين بلغ اللامعقول حد «قرط» ودائع الناس على عينك يا فاجر، فيجوع أصحاب الحقوق وجنى الأعمار لتنتفخ خزائن وجيوب وبطون اللصوص والمافيات والفاسدين؟!.

 

… إنها فلسفة اللامعقول، في هذا البلد المنكوب، فلسفة ليس بعيداً عن تعزيزها أولئك الذين فرضوا حصاراً على هذا الوطن المنكوب بذريعة الضغط على حزب الله، فضغطوا على اللبنانيين قاطبة حتى السحق، بينما لم يتأثر الحزب الذي يرتاح الى عدم تردد مصادره في ايران بمواصلة دعمه في المال والسلاح وما بينهما.